*** يكثر الجدل فى هذه الأيام العشر من ذي الحجة ؛ هل صامها رسول الله (ص) أم لا ؟
– فقد روي عن عائشة – قالت : ” ما رأيت رسول الله (ص) صائما فى العشر قط ” .- رواه مسلم وابن حبان ؛ وابن خزيمة فى صحيحه وذكر علة ذلك أنه : قد كان النبي (ص) يترك لها بعض أعمال التطوع و إن كان يحث عليها و هي خشية أن يفرض عليهم ذلك الفعل مع استحبابه (ص) ما خفف على الناس من الفرائض .
– وروي عن حفصة أنه (ص) : ” كان يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر وأول أثنين من الشهر والخميس” . – رواه أبو داود وأحمد ؛ والنسائي –
– وعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي (ص) قالت : ” كان رسول الله (ص) يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس .” – رواه أبو داود واليهقي ، والنسائي وصححه الألباني –
– وعن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : (( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعنى أيام العشر – قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد فى سبيل الله . قال : ولا الجهاد فى سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشىء )) . – رواه البخارى وأحمد –
– حديث أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة ؛ وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية” . – رواه مسلم –
** ومما قاله شراح الحديث :
– قال النووي في شرح مسلم : قال العلماء هذا الحديث – يعني حديث عائشة – مما يوهم كراهة صوم العشر والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذى الحجة . قالوا وهذا مما يُتأول فليس في صوم هذه التسعة كراهة بل هي مستحبة استحبابا شديدا لاسيما التاسع منها وهو يوم عرفة وقد سبقت الأحاديث في فضله . فيتأول قولها لم يصم العشر أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما أو أنها لم تره صائما فيه ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر .
– وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري: واستدل به – يعني حديث ابن عباس – على فضل صيام عشر ذي الحجة لاندراج الصوم في العمل ,واستشكل بتحريم الصوم يوم العيد , وأجيب بأنه محمول على الغالب .
– وقال الطحاوي : قال فكيف أن يكون للعمل في هذه الأيام من الفضل ما قد ذكره رسول الله (ص) فيها ، ثم يتخلف عن الصوم فيها ، وهو من أفضل الأعمال ؟ فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل أنه قد يجوز أن يكون (ص) لم يكن يصوم فيها على ما قالت عائشة رضي الله عنها ؛ لأنه كان إذا صام ضعف عن أن يعمل فيها ما هو أعظم منزلة من الصوم ، وأفضل منه من الصلاة ، ومن ذكر الله عز وجل ، وقراءة القرآن ، أي ليتشاغل فيها بما هو أفضل منه ، وإن كان الصوم فيها له من الفضل ما له مما قد ذكر في هذه الآثار التي قد ذكرناها فيه وليس ذلك بمانع أحدا من الميل إلى الصوم فيها لا سيما من قدر على جمع الصوم مع غيره من الأعمال التي يتقرب بها إلى الله عز وجل سواه ، والله نسأله التوفيق .
** ونخلص من هذا أنه للجمع بين رواية عائشة ورواية أزواج النبي أنه كانت له (ص) تسع بيوتات ، فقد يكون (ص) صائما فى ثمان أيام عندهن ، وقد يكون قد وافق اليوم التاسع مفطرا يوم عائشة.. والله أعلم .
* هذا ونرد علي المجادلين : أليس الصوم أفضل عبادة نتقرب بها إلي الله تعالي ، وقد جاءت الأحاديث باستحباب صيام التطوع :
– فعن أبى سعيد الخدرى أن النبى (ص) قال : ( ما من عبدٍ يصوم يوماً فى سبيل الله إلا بَاعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً ) أى سبعين سنة – رواه الجماعة إلا أبا داود واللفظ لمسلم – ففيه فضيلة الصيام فى سبيل الله لمن يطيقه بلا ضرر ولا تفويت حق .
– عن أبى أمامة قال : أتيت رسول الله (ص)، فقلت : مُرنى بعملٍ يُدخلنى الجنة ، قال (ص) : ( عليك بالصوم فإنه لا عِدْلَ له ) – ثم أتيته الثانية ، فقال : ( عليك بالصيام ) . – رواه أحمد والنسائى والحاكم وصححه –
– فثواب الصائم لا يعلمه إلا الله تعالى كما جاء بالحديث القدسى : ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به ) .
– وقال (ص) : ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أى رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني فيه ، فيشفعان ) – رواه أحمد بسند صحيح – .
… اللهم يسر لنا بفضلك من الأعمال الصالحة ما يرضيك عنا وتقبله منا خالصا لوجهك الكريم ….
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق