* تأملات في مناسك الحج :
(5) أعمال يوم النحر العاشر & وأيام التشريق 11-12-13 من ذي الحجة :
– الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة ( بعد غروب اليوم التاسع ) ؛ وإكثار الحاج من الدعاء وذكر الله بالتلبية والتهليل والتكبير والتحميد والدعاء فى هذا المكان هو من باب الشكر لله على نعمة الهداية والبيان والإرشاد علي أنه سبحانه وتعالي هداهم لهذا الدين القيم ، دين الإسلام ، دين الحنيفية السمحة ؛ وبين لهم مشاعر الحج التى كان عليها إبراهيم والتى غيرتها وبدلتها ” قريش” فضلوا عن المناسك الصحيحة ، ثم أعادهم كتاب الله و رسول الله إليها .
– وذهاب الحاج إلى منى يوم النحر لرمى الجمرات والنحر & ثم المبيت بمنى أيام التشريق ؛ به يتذكر فى هذا المقام قصة إبراهيم ، وامتثاله لأمر الله بذبح ابنه ؛ وما كان من محاولة الشيطان لما عرض له عند المشعر الحرام ليمنعه عن طاعة ربه ، فسابقه إبراهيم وذهب إلى حيث مكان ” جمرة العقبة ” فعرض له الشيطان ثانية فرجمة بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم عرض له عند ” الجمرة الوسطى ” فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم أدركه عند ” الجمرة الكبرى ” فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم مضى إبراهيم لأمر ربه .. ثم فداء الله للابن بكبش أملح عظيم …. فقد حصل المقصود من اختبار طاعته وبذله ولده قربانا لله ، كما سمح بتعريض بدنه للنيران فتعطل إحراقها بأمر الله … فهذا ما نفعله فى هذا اليوم : النحر بمنى ، ثم رمى جمرة العقبة الكبرى ، وفى أيام التشريق بعدها من رمى الجمرات الثلاث ، مع التكبير مع كل رمية ؛ ثم نتوجه إلى البيت الحرام لطواف الإفاضة وسعى الحج ، ثم نعود للإقامة بمنى ثلاث أيام بلياليها لرمى الجمرات الثلاث كل يوم … نتذكر طاعة الأب والابن والأم لأمر الله ومجاهدتهم وعدم خضوعهم لوسوسة الشيطان وإهانتهم له … وهذ هو الدرس الهام من هذا المنسك الشاق الذى يستغرق ثلاثة أيام …. إذ أن ” الجهاد الأكبر” هو جهاد النفس والهوى والشيطان ..
– وهذه المناسك اتباع لسنة ابينا إبراهيم عليه السلام ؛ كما قال ابن عباس : { الشيطان ترجمون ، وملة أبيكم تتبعون } .
– وسميت أيام التشريق نسبة إلي شروق الشمس ، وكانوا يذبحون الذبائح فى هذا الوقت ، ويتركونها فى الشمس لتجف وتقدد للتخزين للعام القادم ؛ وقد روى عن رسول الله (ص) أنه كان يقول : ” أنا ابن امرأة تأكل القديد ” أي اللحم المجفف .
– و قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : “يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب وذكر لله ” – لذا نهى رسول الله عن صيامها .
.- ونتذكر نبينا محمد عندما كان يلتقى الناس فى مواسم الحج ليعرض عليهم الإسلام بعد أن يئس من إسلام قريش ومؤازرتها له ، فكانت بيعتى العقبة الأولى والثانية فى السنة 12 & 13 من البعثة ، والتى كانت من نتائجها الإعداد للهجرة إلى دار أمان يستأنف منها الدعوة إلى دين الله هى ” يثرب” التى سُميت بعد الهجرة ” المدينة ” ” طيبة الطيبة” .
– وآخر عمل الحاج الحلق أو التقصير للتحلل من الإحرام ، فكما يخرج المصلى من صلاته بالتسليم ، كذلك المحرم بالعمرة لا يتحلل إلا بالحلق أو التقصير بعد الطواف والسعى ، وفى الحج بعد الرمى أو طواف الإفاضة أو الذبح على تنوع فى المذاهب فى ترتيب الأعمال يوم النحر .
– وبه ينقضي التَّشعُث والتَّغَبُّر ، ويعود إلى مظهر الزينة التى أمر الله بها عند كل مسجد : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) [ الأعراف] فقد انقضى اختبار الطاعة ، وثبت الأجر إن شاء الله ..
– وهكذا يتم الحاج مناسك وشعائر الحج ، ويرجع كيوم ولدته أمه طاهرا مُبرءا من الذنوب والمعاصي ، لذا يجب عليه أن يحافظ علي هذا الفضل وعلي هذه المكتسبات إذ الغاية العظمى من العبادات هو التقوي وإصلاح القلوب ؛ وأن تستمر آثارها ظاهرة في خلقه وسلوكه ومعاملاته مع أهله وجيرانه وأهل بلده وسائر الناس ، والتي تعتبر المقياس الحقيقي لمدى أدائه للحج على الشكل الصحيح الذي أراده الله تعالى ، وعليه أن يعرف أن الاستمرار فى الطاعة دلالة علي قبول الطاعة الأولي .
نسأل الله لحجاج البيت القبول من الله ، وأن يكون حجهم حجا مبرورا فليس له جزاء إلا الجنة …
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق