تأملات في معجزة الإسراء والمعراج بقلم : الداعية : مهندسة بهيرة خيرالله

* تأملات في معجزة الإسراء والمعراج

بقلم : الداعية : مهندسة بهيرة خيرالله

———————————

– يقول تعالي : { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(1)} عالجت هذه الآية رحلة الإسراء ؛ وعالجت الآيات الأولي من سورة النجم العروج إلي السموات العلا .

– فتحدثت السورتان عن حدثٍ عظيم خارق للعادة ؛ وهو من المعجزات الحسية الكبري التى حبا الله  بها عبده ورسوله ؛ وهي رحلة الإسراء إلي بيت المقدس والعروج إلي السموات العلي في ليلة واحدة ، فخرق له فى الإسراء قانون الأرض باختصار المسافة وإلغاء الزمن ، وخرق له بالمعراج قانون السماء فاخترقها صعودًا . وكانت تطييبا لنفس رسوله  بعد عودته من رحلة الطائف حزينا لما لاقى من سوء الاستقبال والمعاملة وهو يدعو إلي دين الله ، وتعويضا له عن جفوة أهل الأرض بحفاوة الملأ الأعلى ، فكأنما يُقال له : “إن كان أهل الأرض لا يعرفون قدرك ، فلتعرف قدرك عند أهل السَّماء “. فكانت مكافأة ربانية ، ومواساة على ما لاقاه فى سبيل الدعوة من آلآم ، وتخفيفا له من الأحزان على فقد النصير فى الأرض بوفاة العم الشفوق والزوجة الحنون فى عام واحد سُمِّي عام الحزن ، ولتعطيه شحنة إيمانية قوية للإنطلاق من جديد فى نشر الدعوة بنشاط وحماس ويقين فى تأييد الله ونصرته له .
– وقد بيَّنت هذه الحادثة ضعف إيمان البعض ؛ لم يصدقوا بها فارتدوا كفارًا ، كما بيَّنت قوة إيمان آخرين ، وقد كانوا مقبلين على مهام شاقة وهى الهجرة وسيلاقون فيها من المصاعب التى لا يحتملها إلا صادقى الإيمان ؛ وأول هؤلاء أبو بكر رضى الله عنه الذى صدُّق النبي ، حين جاءه ناسٌ من قريش ؛ فقالوا : هل لك في صاحبك يزعُم أنه جاء إلى بيت المقدس ثم رجع إلى مكة في ليلة واحدة ؛ فقال أبو بكر: “إن كان قاله فقد صدق ، وإنَّا لنصدقه فيما هو أبعدُ من هذا ، نصدقه على خبر السماء” ؛ ومن ذلك لقب بالصديق . وهكذا يجب أن تكون عقيدة كل مؤمن فيما روى من الكتاب والسُّنة ، فيقول سمعنا واطعنا ، سواء عرف الحكمة من التكليف أم لم يعلم .
– وقد أُختلف فى تعيين ليلة وقوعها على عدة أقوال ؛ فالاحتفال بها فى أي وقت من هذه الأوقات من باب التذكرة بفضل هذه المناسبة العظيمة ؛ والذي يعنينا أنها كانت الليلة التي فرضت فيها الصلوات الخمس بالتلقي المباشر من الله  لعبده ورسوله دون واسطة أمين الوحي جبريل  ، لتعلم الأمة الإسلامية قدر وأهمية هذه الفريضة كأعظم ركن من أركان الإسلام ، وأنها معراج كل مسلم لرَّبه خمس مرات فى اليوم علي أقل تقدير وتزيد بتقربه بالنوافل والتطوع المطلق ، وأنها أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة من أعمال ، فإن صلحت صلح سائر عمله وإلا فالخسران المبين .
– كذلك نتدارس أحداثها تبيينا لقدر رسول الله  عند ربه وعند الملأ الأعلي ومكانته بين الرسل والأنبياء السابقين حيث صلي بهم إماما ؛ حتى نعلم قدر نبينا المصطفى فندافع عنه وعن سيرته الطاهرة المشرفة أمام الهجمات الشرسة والمستمرة من أعداء هذا الدين فى الخارج والداخل .

– وكذلك فالتذكير بالإسراء والمعراج تذكيرٌ ببيت المقدس ، معراج رسول الله  الذى اغتصبه اليهود ، فمن أسرار هذه الرحلة المباركة أن الله تعالي يشير إلى أن سيطرة بنى إسرائيل على القيادة الدينية قد انتهت ببعثة رسول الله  وبمعراجه من بيت المقدس إلي السموات العلي ، فقد تمت سيطرته عليه . وانه اجتمع له الدين الإبراهيمي ، وانتقلت القيادة الدينية من أمة غدرت وقتلت أنبياءها وأفسدت فى الأرض إلي أمة الخير والسلام . وهذا للتذكير بالقدس حتى لا ننساه ؛ ” وَذَكِّر ْفإنَّ الذِّكْرَي تَنْفَعُ المُؤمِنِينَ” صدق الله العظيم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق