هو من أهم الأدباء المصريين الذين احتلوا أهم المناصب المرموقه في الدولة، حتى أصبح وزيرًا للثقافة، وما لا يعلمه الكثيرين أن يوسف السباعي كان قد ارتاد الكلية الحربية، بل وتدرج في الرتب حتي وصل إلى رتبة عميد، ولكنه كرس حياته في الأدب والثقافة، ومن أشهر رواياته:
نحن لا نزرع الشوك
بين الأطلال
أرض النفاق
إما أن تحبه أو تحبه جدا مقولة أنيس منصور في حب يوسف السباعي، الأديب الذي يلامس قلوب القراء بعمق كتاباته البديعة، المرهفة الحس الأقرب لقلوب محبيه وبأسلوبه الصادق القريب من قلوبنا، فهو الذي قال:
“أنت يا توأم الروح يا منية النفس الدائمة.. يا أنشودة الحب في كل زمان ومكان مهما هجرت ومهما نأيت.. اذكرني”.
كما وصفه طه حسين، وهو أيضًا ذلك الكاتب صاحب الأسلوب السهل الساخر الذي يفيض عذوبة، ولكن أني لكاتب أن يتحدَّث عن الموت في كل أعماله تقريبًا بأسلوبٍ سهل ساخر عذب، ويستطيع في الوقت نفسه أن يتجنَّب أسلوب القتامة والخوف اللذين يحملهما الموت معه.
بدايات يوسف السباعي الحياتية والأدبية
ولد يوسف السباعي 10 يونيو 1917ميلادية، في منطقة الدرب الأحمر بالقاهرة فقد ترعرع في بيت أدبي من الدرجة الأولى، فكان والده محمد السباعي شغوفا بحبه للأدب العربي والشعر، وكان مطلعا على الفلسفة الأوربية والإنجليزية أيضا.
وبحانب ذلك كان يجيد اللغة الإنجليزية مما أتيحت له الفرصة للعمل مترجما، بجانب كتاباتة الأدبية، وكل هذا انعكس بالطبع على يوسف السباعي الابن فشب الطفل على حبه للأدب والقراءة، ونشأت قصة حب بين يوسف السباعي ومقالات أبيه، حيث كان يذهب بكتب ومقالات أبيه إلى المطبعة لتصحيحها، وطباعتها وإصدارها للناس.
«قصة الفيلسوف» كانت آخر كتابات السباعي الأب، التي لم يمهله القدر ليكملها، فاختطفه الموت، ليكملها بعد ذلك الأديب الابن يوسف السباعي، ليظل يوسف السباعي يعاني من اضطرابات نفسية بعد موت والده، فكان يتخيل أنه سوف يعود ليكملا طريق الحياة سويا، لكن هذه الحياة.
السلام والتعايش
واحدة من أهم أهداف الأديب يوسف السباعي، أن يكون صاحب رسالة نبيلة ترمز إلى السمو لأعلى درجات السلام والحب، لكن بشرط ألا يكون منعزلا عن الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأن الأديب في النهاية إنسان، لذلك كان هدفه أن ينقل في كتاباته ما يشعر به الناس، كي نستطيع أن نتحمل الحياة، أتدرون ما يحملنا على التعلق بالحياة؟
المعادلة الصعبة
لقد حقق يوسف السباعي التوافق بين الشخصية السياسية العسكرية الصارمة، والبارعة أيضا وبين شغفه وتطلعه وحبه لفنه، وكتاباته بأسلوبه السلس البسيط الذي يدخل قلوبنا، قبل أن يصل لعقولنا.
يوسف السباعي وقع في حبه الأدباء قبل القراء، فقد لقب بفارس الرومانسية، وقال عنه نجيب محفوظ إنه (جبرتي عصره)، ومن أهم أعماله: رواية أرض النفاق، وعلى الرغم من أن فحواها خيالي إلا أنه استطاع أن يمزج الخيال بما كان يجري في العالم العربي والمصري والقضية الفلسطينية، في ذلك الوقت، وأيضا من رواياته: السقا مات، نائب عزازيل، إني راحلة، وغيرها.
إني راحلة
الرواية التي سطرها السباعي في الجزء الأول منها بحروف الحب المقدس لحبيتبه، لملهمته وزوجته وابنه عمه، دولت طه السباعي، قصة الحب التي بدأت منذ مهد السباعي فكانت تحبه بخوف الأم وحنيتها على أطفالها وبين شغف الحبيبة على محبوبها، فكانت تخاف عليه من كل شي، وقد سماها السباعي بالزوجه الأسطورية، لجمعها بين حب الأم والزوجة في آن واحد.
“في القلب جذور أعمق من أن تقتلع إلا إذا اقتلع القلب نفسه”.
“ذهاب إلى قبرص بلا عودة”.. المحطة الأخيرة في حياة يوسف السباعي قبل اغتياله
في يوم الجمعة الموافق17 من فبراير 1978، وصل يوسف السباعي وزير الثقافة المصرى آنذاك، إلى العاصمة القبرصية، نيقوسيا، على رأس الوفد المصري المشارك في مؤتمر التضامن “الأفروآسيوى” السادس، وبصفته أمين عام منظمة التضامن الإفريقي الآسيوي، لكن السباعي لم يكن يعلم ما تخبأ له هذه الرحلة.
في صباح يوم السبت، نزل يوسف السباعي من غرفته بفندق هيلتون، متوجهًا إلى قاعة المؤتمر بالطابق الأرضي، وكان المؤتمر قد بدأ بالفعل برئاسة الدكتور فاسوس ليساريدس، نائب سكرتير المنظمة، ورئيس الحزب الاشتراكي القبرصي، توقف السباعى في تلك الأثناء أمام منفذ بيع الكتب والجرائد المجاور لقاعة المؤتمر، وحينها أطلقت عليه 3 رصاصات أصابته فى مقتل. فارق يوسف السباعى الحياة وسرعان ما تناقلت الحادثة وكالات أنباء الأخبار.
وبالرغم من الحادث المريع الذي ذاع صيته في أرجاء العالم فور وقوعه، إلى أن هناك عددًا من الشخصيات التي أثبتت أن يوسف السباعي كان مهيأ نفسيًا للاغتيال بشكل صريح ومباشر.
كيف تنبأ السباعي باغتياله في نصوص رواياته؟
في عام 1948 نشر يوسف السباعي مجموعة قصصية بعنوان «يا أمة ضحكت» تضمنت قصة قصيرة عنوانها «بصقة على دنياكم»، هذه القصة التي نُشرت قبل رحيل الكاتب بـ30 عامًا، تتحدث عن صبي يعيش بأحد الأحياء الشعبية، شديد الولع بسلاح الفرسان في الجيش، ولكنه يصبح صحفيًا شهيرًا، ويعين وزيرًا، ثم رئيسًا للوزراء، إلى أن يتم اغتياله، ويُترك على سلالم الوزارة حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة.
كان السباعي يتحدث عن نفسه في هذه القصة؛ فهو الصبي الصغير الذي نشأ بحي السيدة زينب بالقاهرة، وهو المولع بسلاح الفرسان، والذي يلتحق فيما بعد بالكلية الحربية، ولكن المثير للدهشة حقًا هو أنه قد تنبأ بأنه سيصبح وزيرًا، وأنه سيتم اغتياله، بل سيتم تركه حتى ينزف دمه وتفيض روحه، تمامًا كما حدث معه في واقعة اغتياله، فقد منع قتلته أي شخص من الاقتراب منه أو إسعافه؛ حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
وليست هذه هي المرة الوحيدة التي تنبأ فيها يوسف السباعي بحادثة اغتياله؛ فهو قد كتب أيضًا في روايته «طائر بين المحيطين» حيث تنبأ في اقتباسه قائلاً: ماذا سيكون تأثير الموت عليا وعلى الآخرين؟ لا شيء.. ستنشر الصحافة نبأ موتي كخبر مثير، ليس لأني مت بل لأن موتي سيقترن بحادثة مثيرة..”
وبعد اغتيال السباعي، اختطف القاتلان 30 عضوًا من أعضاء الوفود المشاركين فى مؤتمر التضامن كرهائن، واحتجزوهم فى كافيتيريا الفندق مهددين باستخدام القنابل اليدوية في قتل الرهائن، ما لم تستجب السلطات القبرصية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق