صيام الست من شوال| أيهما أول القضاء أم صيام النافلة.. وهل يجوز الجمع بين النيتين؟
يسن للمسلم صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان تحصيلا للثواب الوارد في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتَّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ».
ومع اضطراري بعض الناس إلى إفطاري أيام من رمضان جراء أعذار لها، تطرح الكثير من التساؤلات حول أيهما أولى: القضاء أم صيام تلك النافلة؟.
وبحسب ما ورد في كتب الفقه، فإن صيام الفرض أولى من النافلة، لأن قضاء رمضان دين يجب على كل مسلم أن يؤديه قبل النافلة لأن الفرض أهم، ولأن الإنسان قد يعرض له الموت والأمراض، فينبغي له أن يبدأ بالأهم وهو القضاء، ثم إذا تيسر له بعد هذا التطوع، تطوع بعد ذلك بما يسر الله، والأمر فيه سعة؛ إن لم يستطع أن يأتي بالفرض أولًا ثم النافلة - وخاصة في أيام الصيف - فله أن يبدأ بالنفل لضيق وقته، ثم يقضي فيما بعد ما عليه من رمضان على أن يتم القضاء قبل رمضان التالي.
- هل يجوز الجمع بين نية قضاء رمضان وصيام الست من شوال ؟
وجاء في كتب الفقه، أن الفقهاء اختلفوا في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
- القول الأول : يرى أصحابه أن الجمع بين نية صيام الست من شوال ونية قضاء رمضان يصح عن أحدهما لا عن كليهما، وهو مذهب الحنفية، ولكن اختلفوا إن صام جامعًا بين النيتين عن أيهما يقع؟ فعند أبي يوسف يصح عن قضاء رمضان؛ لأنه فرض، وعند محمد يصح عن الست، يعني يقع عن النفل، ولا يصح عن القضاء.
دليل أبي يوسف أن نية الفرض محتاج إليها، ونية النفل
غير محتاج إليها، فاعتبر ما يحتاج إليها، وبطل ما لا يحتاج إليها.
ودليل محمد: أن بين نية النفل ونية الفرض تنافيا فيصير متطوعا، لأنه لم يبطل أصل النية، وأصل النية يكفي للتطوع.
- القول الثاني: يرى أصحابه صحة الصوم عن الفرض والنفل في حالة الجمع بينهما وهو مذهب المالكية، وأكثر الشافعية والرواية المعتمدة عند الحنابلة، حيث إن النفل يندرج تحت الفرض، كما يندرج غسل الجمعة تحت غسل
الجنابة.
ودليل هذا القول : ما روي عن الأسود بن قيس عن أبيه عن عمر بن الخطاب فقال: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَقْضِيَ فِيهَا شَهْرَ رَمَضَانَ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ» أي: الأيام العشر من ذي الحجة، فدل الأثر على جواز تشريك النية بين الفرض والنفل وقد سئل الشيخ الرملي عَنْ شَخْصٍ عَلَيْهِ صَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَ وَقَضَاهُ فِي شَوَّالٍ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَثَوَابُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّال؟ فأجاب : بِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِصَوْمِهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَهُ وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ سِتَّةِ مِنْ شَوَّال.
- القول الثالث: يرى أصحابه عدم جواز التشريك بين النيتين، ولا يصح عن واحد منهما، وهو مذهب بعض الشافعية، ورواية عند الحنابلة.
دليلهم أن الصوم الواجب بطل؛ لعدم جزمه بالنية له، وكذا النفل لعدم صحة نفل من عليه قضاء رمضان قبل القضاء، فعلى من فاته صوم في رمضان أن يقضي ما فاته، ثم يصوم ستا من شوال، وهذا هو الأفضل، لكن عند عدم القدرة على ذلك يجوز صيام الست من شوال وقضاء ما عليه طوال العام.
والأفضل للصائم إفراد نية القضاء عن نية صيام الست من شوال خروجا من الخلاف؛ لأن الخروج من الخلاف مطلوب
ومستحب.
فإن بدأ بالقضاء فله ذلك، وإن بدأ بالست من شوال على اعتبار أن وقت القضاء موسع ووقت الست مضيق فله ذلك، ولو أخذ برأي من يرى جواز الجمع بين النيتين فلا حرج خاصةً عند عدم القدرة بسبب ظروف صحية يجوز الجمع بين النيتين وهذا تيسير وتخفيف على الناس؛ لأنه لا ينكر على المختلف فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق