"ترتيب الأمور قبل الموت" أكثر الخطوات الحميدة
لا يمكن لأحد منا أن يعلم متى يحين أجله، إنما يمكننا جميعاً أن نحرص على عدم ترك فوضى عارمة وراءنا لكي يهتم بها أحباؤنا
وبما أن الموت هو الثابت الوحيد الذي لا جدل فيه، لنطبق ممارسة سويدية تقضي بترتيب الأمور قبل الوفاة كي لا نغلّب الأحبة ونترك من بعدنا فوضى عارمة.
"تعزيل الموت" السويدية (أي ترتيب الأمور قبل الوفاة). تُسمّى هذه الممارسة باللغة السويدية Döstädning وهي تشمل ترتيب الأشياء بشكل منتظم وتقليص المقتنيات إلى الأساسيات لكي لا يضطر الورثة بعد وفاتك إلى التعامل مع أكوام من القمامة. اكتسب هذا المفهوم شعبية بعدما نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" كتاب فن تعزيل الموت السويدي اللطيف لمؤلفته مارغريت ماغنوسون، وقد تصدّر الكتاب قوائم المبيعات وصوّرت آيمي بولر مسلسلاً تلفزيونياً مقتبساً منه في 2023.
وقالت ماغنوسون في كتابها إن "البعض لا يمكنهم التفكير في الموت ويترك هؤلاء وراءهم فوضى عارمة. هل اعتقدوا بأنهم خالدون؟".
وفيما يركّز ترتيب الأمور قبل الوفاة أكثر على التخلص من الأشياء المادية غير الضرورية، يتناسب جوهره تماماً مع ترتيب الأوضاع. والنقطة الأولى في سلم الأولويات هي كتابة وصية، حتى لو لم تعتقد بأنك تمتلك "أصولاً". ويقول أحد الناطقين باسم شركة سو رايدر "تسهّل الوصية على العائلة أو الأصدقاء ترتيب الأمور بعد وفاتك-ومن دون وصية، يمكن أن تستغرق هذه العملية وقتاً طويلاً وتتسبب بضغط نفسي. ومن دون وصية، تنتقل ملكية كافة أصولك تبعاً للمنهج المعتمد بحسب القانون". والأشخاص الذين ترغب بأن تترك لهم شيئاً مما تملك - مثل شريك لست متزوجاً به- قد لا يحصلون على شيء في النهاية.
ويمكنك أن تضع هذه القرارات المهمة في الوصية. من هو الوريث الذي تختار أن تعطيه ما تملك من أصول (المنزل، أو الأشياء الثمينة، أو المدخرات، إلخ)؟ ومن تختار للعناية بأطفالك (إن كانوا تحت سن الثامنة عشر)؟ وما هو مصير أشيائك المميزة؟ هل ترغب بتخصيص حصة للمنظمات الخيرية أو القضايا التي تحبها؟ ومن هو الوصي الذي تثق به لكي ينفّذ رغباتك المذكورة في الوصية؟
كما أن الوصية توفر المال على أحبائك- فيما تصل تكلفة الوفاة من دون وصية إلى 9700 جنيه استرليني. تسميها سكوت وثيقة "مرِنة" وتنصح بمراجعتها بانتظام. وتقول "لا يدرك الناس أنّهم بحاجة لمراجعتها كل أربع أو خمس سنوات. لكن عليكم التحقق- هل توفي أي من منفذي الوصية، هل رُزقتم بطفل، أو حصلتم على ميراث، أو على طلاق؟ أعمل مع أشخاص كتبوا وصيتهم منذ عشرين عاماً- وأصبحت بنودها في غير محلها الآن".
ومن الأمور الأخرى التي يجب التفكير فيها استخراج بوليصة تأمين على الحياة إن كان لديكم من تعيلونهم، واختيار شخص لإعطائه توكيلاً رسمياً دائماً (يجب أن يكون شخصاً تثقون به لكي يتخذ القرارات نيابة عنكم في حال ما عدتم قادرين على اتخاذها) واختيار المستفيد من معاش التقاعد. وتشدد سكوت على أهمية تسجيل "أصولكم الرقمية". وهذا يعني أن تحرصوا على وجود شخص يمكنه أن يعرف كلمات السر التي تستخدمونها عند وفاتكم- وبهذه الطريقة سوف يستطيع أن يلغي أي اشتراكات دائمة قمتم بها ويقرر إن كان يجب إغلاق حساباتكم على منصات التواصل الاجتماعي أو إبقاءها، ويحفظ صوركم وفيديوهاتكم كي لا تضيع في الأثير الرقمي. وتقول "لا شيء أسوأ من أن يتوفى الشخص ويظل اسمه يظهر على فيسبوك كما لو أنه لا يزال على قيد الحياة".
وهناك عناصر أخرى، أكثر عاطفية، من المهم التفكير فيها. وتلفت سكوت إلى أنه "يمكن كتابة ملاحظات بشأن أشياء محددة تريدون منحها لأشخاص معينين. اكتبوا مصدر هذه الأشياء وسبب أهميتها بالنسبة إليكم. غالباً، عندما نرث شيئاً، لا ندرك قيمته أو أهميته بالنسبة إلى الشخص".
تنصح مؤسسة سو رايدر بمشاركة رغباتكم المتعلقة بالدفن. هل تفضلون الدفن أم حرق الجثة؟ هل تريدون مراسم دينية أم غير دينية؟ هل تفضلون مكاناً على آخر؟ هل لديكم تفضيلات معينة بالنسبة إلى المراسم؟ (ربما تحبذون ارتداء الحضور ألواناً زاهية بدل الأسود، أو أن يُحمل نعشكم على ألحان "سوف أحيا"- لن يحدث ذلك سوى إن عبّرتم عن رغبتكم قبلاً).
يمكنكم كذلك أن تشاركوا وصفاتكم المفضلة وتختاروا الأغاني التي تعبّر عن مسيرتكم في الحياة إلى الآن وتسجلوا مقاطع صوتية أو فيديوهات، كما يقول غرايس. "يمكن انتهاز فرصة تعزيل الموت لوضع خطة تتضمن أكثر من أصولكم المادية فحسب. لم لا تفكروا بأن تتركوا وراءكم الأشياء المهمة فعلاً وأن تجعلوا تعزيل الموت أمراً شخصياً على قياسكم؟".
يمكنكم تخصيص يوم أو اثنين كل سنة أو سنتين للتأكد من تحديث التفاصيل. ويمكن أن تفعلوا ذلك بروية. لكن المهم هو أن "تنتهوا من هذه الخطوة" برأي سكوت. "أن تقوموا بشيء خير من لا شيء".
اختارت لشركتها شعار الموضوع سابق لأوانه إلى أن يفوت أوانه. وتقول "تعتقد دائماً أن لديك متسعاً من الوقت- ويؤجل الناس التخطيط للموت لأنهم لا يعتقدون أنهم سيموتون إجمالاً. لكن دعوني أخبركم ما سيحدث: كلنا نموت في النهاية".
لو سلّمنا أن لا شيء مؤكداً ومضموناً في الحياة ما عدا الموت والضرائب، فلا شكّ أنّ ألطف ما يمكننا أن نفعله هو أن نستعد للآتي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق