نقص سكر الدم
يتراوح مستوى السكر في الدم عند الإنسان العادي، في مجال ضيِّق
من 60 – 150ملغ / ديسيليتر، على الرغم من التغييرات الكبيرة
في استهلاك السكر واستغلاله. يُعرف نقص سكر الدم بانخفاض قيمة
السكر في الدم، لقيمة اقل من 45 – 50 ملغ / ديسيليتر. إن المصدر
الرئيسي للسكر في الجسم هو الغذاء. يتم في حالة الصيام، الحفاظ
على مستوى السكر في الدم بواسطة عمليتين:
أ. تحليل السكر المخزون في الكبد،
الذي يدعى الجليكوجين (Glycogen).
ب. إعادة إنتاج السكر من جديد، بالأساس في الكبد وبصورة
أقل في الكلى، وتسمى هذه العملية “استحداث السكر”
(Gluconeogenesis). إن الهرمون الرئيسي المسؤول عن تنظيم نسبة
السكر في الدم هو الإنسولين؛ حيث إنه يخفض مستوى السكر في الدم،
وعندما تنخفض نسبة السكر في الدم إلى أقل من 80 ملغ / ديسيليتر
يتوقف إفرازة. عندما ينخفض مستوى السكر في الدم ل 65 – 70 ملغ /
ديسيليتر تفرز عدة هورمونات، يكون نشاطها مضاداً لعمل الإنسولين.
في البداية يفرز الجلوكاجون (Glucagon) والأدرينالين
(Adrenaline) اللذان يحفزان عملية تحليل الجليكوجين وإعادة إنتاج
السكر، مما يؤدي إلى رفع مستوى السكر، ومنع حدوث حالة نقص السكر
في الدم؛ وفي وقت لاحق، يفرز أيضًا هرمون النمو والكورتيزول
(Cortisol) اللذان يتميزان بنشاط أبطأ ولكنه طويل الأمد.
أعراض نقص سكر الدم
إن الحد الأدنى لانخفاض مستوى السكر في الدم، الذي تبدأ بعده الأعراض
بالظهور، يختلف من شخص لآخر، على سبيل المثال، لدى المرضى الذين
يعانون من الحالات المتكررة لنقص السكر في الدم، فقد تنخفض لديهم
عتبة نقص السكر، بينما ترتفع هذه العتبة لدى مرضى السكري، الذين
يعانون من عدم اتزان متوسط لتركيز السكر في دمهم، إذ يكون أعلى
من المعتاد. تدعى هذه الحالة – نقص سكر الدم النسبي.
إن التعريف الدقيق لنقص سكر الدم، يشمل ثلاثة عناصر:
1. أعراض مميزة لنقص السكر في الدم.
2. انخفاض نسبة السكر في الدم في لحظة قياسه.
3. اختفاء الأعراض بعد ارتفاع نسبة السكر في الدم.
الأعراض المميزة لنقص نسبة السكر في الدم تقسم إلى قسمين:
1. انخفاض في مستوى الجلوكوز إلى 55 ملغ / ديسيلتر بالتقريب،
ترافقه أعراض مثل الخوف، التعرُّق، الجوع، رعاش، شحوب الوجه
وخفقان القلب السريع.
2. استمرار الانخفاض في مستوى السكر أقل من 50 مغ / ديسيلتر يسبب
تغييرات في السلوك، تتضمن الارتباك وتدني في حالة الوعي، إلى درجة
كبيرة حتى التشنج أو الموت. إن هذه الظواهر، هي نتيجة لتناقص كمية
الجلوكوز الواصلة للدماغ.
أسباب وعوامل خطر نقص سكر الدم
قد يحدث نقص السكر في الدم عند الأشخاص الأصحاء، المرضى الذين
ليسوا مرضى السكري، ومرضى السكري الذين يأخذون علاجات مختلفة
من الأدوية لخفض السكر في الدم، سواء كان الإنسولين أو العقاقير
التي تعطى عن طريق الفم، ومعظمهما من عائلة السولفونيلورة
(Sulfonylurea)(جلوبين – Gluben، جليبتيك – Glibetic).
أما في حال ظهور نقص سكر الدم عند أشخاص آخرين ينبغي النظر
في الأسباب التالية:
1. تعاطي أدوية مثل الساليسيلات (Salicylates) الأسبرين
(Aspirin)، الكينين (Quinine) (علاج الملاريا) أو تناول الكحول.
2. وجود ورم نادر في البنكرياس الذي يفرز الإنسولين،
ورم جزيري (Insulinoma).
3. تناول الأدوية لخفض السكر،
رغم أنهم غير مصابين بالسكري
إن ظهور نقص سكر الدم، لدى المرضى غير المصابين بالسكري،
يمكن أن يكون لأحد الأسباب التالية: تلوث حاد؛ وجود أورام، نقص
بالهورمونات، خصوصًا الكورتيزول وهورمون النمو، وأمراض الكبد
أو الكُلى المزمنة الحادة .
يوجد هناك العديد من الأسباب الأخرى، التي يمكن أن تؤدي إلى نقص
السكر في الدم، ولكنها نادرة جدًّا، مثل نقص في الإنزيمات منذ الولادة.
إن نقص السكر في الدم الذي يحدث بعد تناول وجبة، نادر نسبيًّا، ويمكن
أن يحدث بعد عملية جراحة في المعدة، نتيجة المرور السريع للأكل من
المعدة إلى الأمعاء. يمكن أن تؤدي هذه الحالة، إلى ارتفاع سريع في
مستوى السكر في الدم، مما يؤدي إلى إفراز زائد للإنسولين الذي يتسبب
في النهاية بنقص السكر في الدم.
إن السبب الأكثر شيوعًا لدى مرضى السكري، لحدوث نقص السكر
في الدم، هو أخذ علاج بجرعة زائدة لخفض السكر. إن مرضى السكري
الأكثر عرضة لخطر الإصابة بنقص السكر في الدم، هم المرضى الذين
ينعدم لديهم إفراز الإنسولين، والذين يعتمدون على حقن الإنسولين.
لا توجد لدى هؤلاء المرضى آلية الدفاع الأولى ضد نقص السكر في الدم،
أي الآلية التي تبطئ أو توقف إفراز الإنسولين عند انخفاض مستوى
السكر، وكذلك عند مرضى السكري الذين يعانون من حالات متكررة
لنقص السكر في الدم، حيث تنخفض عندهم عتبة الحد الأدنى للسكر
لإفراز الأدرينالين بالإضافة إلى اضطراب في إفراز الجلوكاجون.
قد يكون العَرَض الأول لنقص نسبة السكر في الدم عند هؤلاء المرضى،
انخفاض حالة الوعي من دون وجود أعراض مسبقة
مثل التَّعرُّق أو الجوع.
علاج نقص سكر الدم
إن العلاج الفوري لنقص السكر في الدم، هو إعطاء السكر أو الحقن
بالجلوكاجون. يوصى، إذا كان ذلك ممكنًا، عدم إعطاء السكر، إلا بعد أخذ
عينة من الدم لقياس مستواه، للتأكد من أن أعراض المرض سببها
نقص السكر في الدم.
إذا كان المريض في حالة الوعي، يوصى بإعطاء السكر عن طريق الفم.
أما للمرضى في حالة عدم الوعي، فيحقن السكر عن طريق الوريد.
يجب في الخطوة الثانية فحص سبب نقص السكر في الدم، لتحديد العلاج
الذي من شأنه منع وقوع حالات مماثلة في المستقبل. على سبيل المثال،
ينبغي عند مرضى السكري الذين يأخذون جرعة إنسولين زائدة تخفيض
الجرعة، أما عند المرضى الذين يعانون من ورم جزيري فيجب
استئصال الورم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق