الأصدقاء ” ملح الحياة “، وجودهم وبحسب الدراسات يجعل صحتنا النفسية والبدنية أفضل، ولكن ذلك لا يتحقق إلا عندما يكون الأصدقاء “حقيقيون”.
طالت ” السمية ” العلاقات بين الأصدقاء ولم تعد قاصرة على العلاقات العاطفية وفقط، فهناك علاقات في الصداقة صحية وأخرى مؤذية وسامة، ومن الصعب رصدها، بل وربما تجد أنك تبرر لها، ومن سماتها:
– لا يحترم ما له علاقة بك
الصديق المؤذي الذي تتسم علاقته معك بأنها سامة ستجده لا يحترم أي شيء له علاقة بك، شكلك، وقتك، أهدافك، اهتماماتك، إما لامبالاة وإما انتقاد وسخرية، على الرغم من أن المنطقى هو الإختلافات بين البشر ومن ثم وجب القبول لها والتعايش معها بل واحترامها وهو أوجب بين الأصدقاء.
– لا تستطيع أن تكون معه كما أنت
العلاقة السامة في الصداقة هي التي تكون فيها متصنعًا، لا تستطيع أن تكون أنت كما أنت، لا يمكنك أن تكون واضحًا، طبيعيًا، صريحًا، لا تشعر بالأمان، لا يفهمك، ولا يهتم.
– يعرفك عند مصلحته
الصديق ” المستغل ” الذي لا تجده عندما تحتاجه بينما يستغلك هو عندما يحتاج إليك، هذه اساءة متوقعة وواقعية في هلاقات الصداقة المؤذية، فالطبيعي أن ينفع كلًا صاحبه، ويتبادلون تقديم الخدمات ويبادرون للتواصل، والإطمئنان على بعضهم البعض، لن يؤذونك بإصرارهم على توفر لهم ما يحتاجونه منكـ أو يتواصلون فقط عندما يريدون منك تقديم خدمة، إن صداقتك لا تعني لهم شيء.
– يعتذر وفقط
عندما يسئ لك الصديق المؤذي ستجده يكتفي بكلمة ” اعتذر “، وستبدو تصرفاته بعد ذلك وكأن لسان حاله يقول لك ” لقد اعتذرت، ماذا تريد أكثر من ذلك؟”، لا يوجد ندم فعلي أو احساس حقيقي تجاهك يقدر ما أصاب مشاعرك بسببه.
– مختفي في الأزمات
الصداقة المؤذية مع شخص ما تتسم بأنه غير موجود وأنت مأزوم وبحاجة لدعمه، مساعدته، هو لا يقدم دعمًا من أي نوع لا مادي ولا معنوي، متملص على الدوام، مشغول، كل الحجج عنده جاهزة للهرب، أو يختفي تمامًا حتى تنتهي أزمتك.
مؤشرات الصداقة السيئة
يمكن أن تزيد الصداقات من شعوركم بالانتماء، تجعلكم أكثر سعادة، تزيد من ثقتكم بنفسكم وتساعدكم على التأقلم بشكل أفضل مع الصدمات، ولكن لسوء الحظ ليست كل الصداقات إيجابية.
فقد يكون لديكم صديق يجعلكم تشعرون بالسوء بدلاً من تحسين حياتكم، واللافت أن الأصدقاء السيئين لا يستنزفونكم من الناحية الذهنية فحسب، بل يمكنهم أيضاً تعريض صحتكم البدنية وسلامتكم للخطر.
إليكم بعض المؤشرات التي تكشف أنكم منخرطون بصداقة سيئة:
رفع مستويات التوتر: الصديق السيء هو الشخص الذي يجلب معه الشعور بالتوتر، بحيث أنه يجعلكم تشعرون بأنكم في منافسة دائمة معه، كما أنه يحاول تغييركم، وقد يكون متطلباً إلى حدّ كبير، هذه السلوكيات تؤدي إلى زيادة التوتر والقلق إلى مستويات خطيرة.
وفي هذا الصدد، وجدت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، على 122 من البالغين الأصحاء، أن الذين لديهم تجارب اجتماعية سلبية لديهم مستويات أعلى من البروتينات الالتهابية، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب، ارتفاع ضغط الدم، تصلب الشرايين وأمراض القلب والسكري والسرطان.
الضغط لتحمل مخاطر خطيرة وغير صحية: لا شك أن البعض منّا، في وقت ما، قد شعر بأن صديقه يضغط عليه لاحتساء الكحول، التدخين، تعاطي المخدرات، القيادة بسرعة “جنونية”، وغيرها من السلوكيات الخطيرة الأخرى.
وفي مقابلة مع الدكتورة إليزابيث لومباردو، في مجلة Women’s Health، أوضحت أن المؤشر الكبير الذي يدل على أن صداقتكم غير صحية، هي في حال تم إرغامكم على فعل أشياء مؤذية لا تريدون القيام بها.
عادات غير صحية: من السهل الاشتراك في النادي الرياضي أو الالتزام بنظام غذائي صحي، عندما يكون لديكم صديق يتمتع بلياقة بدنية، والعكس صحيح.
فقد وجد باحثون من جامعة هارفرد وجامعة كاليفورينا سان دييغو، أن المشتركين كانوا أكثر عرضة بنسبة 171% للسمنة، إذا كان صديقهم المقرب لديه مؤشر كتلة الجسم مرتفع، أي مصاب بالسمنة.
الانسحاب فوراً
يمكن تشبيه الصداقات السامة بـ”القنبلة الموقوتة”، والتي قد تنفجر في أية لحظة وتخلف وراءها الخراب والدمار.
في هذا الصدد، أوضحت إيلين هندريكسن، عالمة النفس ومؤلفة كتابHow to Be Yourself: Quiet Your Inner Critic and Rise Above Social Anxiety، أن العادات غير الصحية تنتشر في الكثير من الأحيان بين الأصدقاء.
وبالتالي اعتبرت هندريكسن أنه في حال قام صديقكم بسحبكم إلى الأسفل أو الضغط عليكم لشرب الكحول أو التدخين، بعد أن أوضحتم له أنكم تحاولون أن تتغيروا، أو سخر من محاولاتكم للعناية بأنفسكم، فقد يكون الوقت قد حان للابتعاد عنه.
وتعليقاً على هذه النقطة، قالت عالمة النفس وصاحبة كتاب The Dance of Connection، هارييت ليرنر، لنيويورك تايمز، إن “الصداقة غالباً ما تكون مؤلمة للغاية”، مشيرة إلى أنه يتعيّن على المرء أن يقرر ما إذا كان من الأفضل أن ينظر إليها على أنها مرحلة في مسار صداقة قوية، أو أن يعتبرها مسيئة لصحته، وبالتالي يضع حدّاً لها، أما عالمة الاجتماع في جامعة كونكتيكيت، جان ياغر، فشددت في كتابها When Friendship Hurts على ضرورة التخلي عن الأصدقاء السيئين على قارعة الطريق: “هناك خرافة تقول إن الصداقات يجب أن تدوم مدى الحياة، ولكن في بعض الأحيان قد يكون من الأفضل لها أن تنتهي”.
في الختام فكروا في الأصدقاء الأقرب إلى قلبكم: ما هي هواياتهم؟ هل يحبون ممارسة الرياضة؟ هل يعانون من زيادة في الوزن؟ هل يتناولون الطعام بشراهة؟ هل يعانون من صعوبة في الإقلاع عن التدخين؟ هل يفرطون في احتساء الكحول؟
في حال وجدتم أنهم يحاولون دفعكم إلى الهاوية، فاعلموا أنه آن الأوان لوضع حدّ لهذه الصداقة السامة، فنحن في نهاية المطاف لا نخسر الأصدقاء، بل نتعلم من هو الصديق الحقيقي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق