المشاغبة عند الطفل
المشاغبة عند الطفل:
إنَّ التعامل مع الطفل الكثير الحركة أو الشقي يبدو صعباً جداً على الوالدين، خصوصاً إن كان مشاغباً وشقياً، فيكسر ألعاباً هنا ويتسلق الأثاث، ويصرخ بصوتٍ عالٍ، ويزعج كل من في المنزل. وتقابل هذه التصرفات ردود فعلٍ غاضبة من الأهل الذين تثقل كاهلهم الأعباء المتزايدة وضغوط العمل الناتجة من صعوبة الحياة وسرعة إيقاعها ومشاكلها الاجتماعية والاقتصادية، ما يجعلهما عرضةً للغضب والانفعال، ويلجأون إلى العنف والصراخ في محاولةٍ منهم للجم أخطاء طفلهم.
مشاغبات الطفل
بدايةً لا بدَّ من التمييز بين الطفل المشاغب والكثير الحركة أي من يعاني من الـADHD، فالحركة المفرطة ليست مرضاً، بمعنى أن ليس من الضروري أنَّ يكون كل طفل مشاغب مصاباً باضطراب الـ ADHD والعكس صحيح. لذا، تؤكد الاختصاصية بعلم النفس التربوي لوزان فرح خيرو، أنَّه “بدءاً من عمر الـ 3 سنوات تكون هذه التصرفات من صلب نموه في محاولة منه لاكتشاف كل ما حوله، أما إذا زادت فهذا يخبرنا عن طبع سيكوّن شخصيته في المستقبل، ويؤسس لشخصية ثائرة قد تدوم حتى مرحلة المراهقة”. وتضيف: “تتمثل التصرفات المشاغبة من خلال المشاجرة بين الطفل وإخوته وتزداد شقاوته وصراخه، فيقوم بضرب إخوته وتكسير أغراض المنزل وألعابه الخاصة. كما يتوقف عن تناول الطعام، ويرفض النوم في الوقت المخصص له، ما يجعل الأهل يجدون صعوبة في التعامل والتكلم معه، إلاَّ أنَّ كل ذلك قابل للتغير بمجرد أن يتمتع الأهل بالصبر الكافي إلى جانب الاهتمام والانتباه”.
نقص الأمان والغيرة
تلفت خيرو إلى أنَّ الأسباب التي تدفع الطفل إلى المشاغبة كثيرة ومتعددة قد تحض الأهل على عرض الطفل على طبيب صحة ليقوم بفحص الغدة الدرقية، وقياس درجة ذكائه بمقاييس طبية عالمية معتمدة. وبعد الفحوص الجسدية، يتطلب على الأهل التنبه إلى الأبعاد النفسية للتصرفات التي تنتج من محاولة الطفل الحصول على الاهتمام ولفت نظر أهله، أو جراء تفكك الأسرة، أو شعوره بالنقص ما يدفعه إلى إثبات نفسه، بسبب نقص الأمان أو الغيرة والتفرقة والتمييز التي يشعر بها. وقد يلجأ الأهل إلى العنف الكلامي أو الجسدي عبر إشعار الطفل أنه غير مرغوب فيه (خصوصاً إذا كانوا ينتظرون ولادة صبي وتولد فتاة أو أن الأم لم تكن ترغب في الإنجاب وحبلت)، ما ينعكس في تصرفاتها سلباً تجاه طفلها، ويجعله يتماهى بها ويعكس هذه التصرفات نحوها في محاولة لا واعية منه لمعاقبتها. وإلى جانب كل ما ذكرناه آنفاً، يجب أن يعرف الأهل أنَّ الفراغ، وغياب الهوايات، ومشاهدة التلفاز وأفلام العنف تؤثر في الطفل سلباً وتحوله مشاغباً”.
إيجاد بيئة مناسبة
وتتابع خيرو أنَّه “يمكن الأهل إيجاد بيئة مناسبة تمنع الطفل من أن يصبح مشاغباً، أو تحدُّ من شغبه على الأقل. فلا يمكنني أن أقول له طوال الوقت “اجلس جيداً أو لا تقم بذلك”، بل يجب جعل الملاحظات مخصصة للسلوكات غير المنضبطة. فإذا كانت بعض التصرفات غير مؤذية يمكن التغاضي عنها. إضافة إلى ذلك، يجب أن يشعر الطفل بالطمأنينة، يؤسسه تصرف الأهل الذي يجب أن يكون بعيداً من العصبية ذلك أنَّ عصبية الأهل تنتقل حكماً للأولاد. لذا، يجب أن يصبر الأهل على رغم الضغوطات المادية والاجتماعية التي يعانون منها، وبمجرد اختيارهم إنجاب طفل يجب أن يحسنوا تربيته بطريقة سليمة ترافقها رعاية مكثَّفة، تكمن في عدم إخافته حين يقوم بتصرف خاطىء، بل بتوعيته من طريق الكلام، وتوضيح كل تفصيل من خلال تقديم النصائح إليه كي لا تنشأ لديه شخصية ثائرة ترفض قوانين المنزل والمدرسة، وتضرب عرض الحائط كل ما يسمى تربية”.
وتضيف: “على الأهل تعليم الطفل ضرورة احترام الآخرين، وإعطاؤه الاهتمام الكامل، وتخصيص وقتٍ له عبر القول له: أنا أعمل الآن، وحين أنتهي سنلعب معاً مدَّة ربع ساعة. وخلال الربع ساعة يجب أن يكون الوقت مخصصاً للطفل 100%، أي يجب أن يكون الأهل معه جسدياً وعقلياً، وأن يتخلوا عن هاتفهم الخليوي لبضع دقائق، وأن يطفئوا التلفاز، وأن يتركوا كل ما هو مرتبط بالعمل من حسابات وأوراق. ويجب أن لا يقتصر ذلك على يوم واحد، بل عليهم إيجاد روتين يومي يشعر فيه الطفل أن أهله يخصصون وقتاً له فقط بعيداً من كل الأعمال، ما يساعده في الشعور بالأمان والاستقلال ويرفع ثقته بنفسه”.
خطوات تساعد الأهل
تعتبر خيرو أنَّ “كلمة الأم والأب يجب أن تكون في الاتجاه نفسه بحزم وحكمة يتناسبان مع عمر الطفل وقدراته العقلية. لكن لا يصح التسامح مع سلوك شائن أو لفظٍ غير مهذب من الطفل تجاه أمه أو أبيه، ولكن ينبغي أن ننتبه دوماً إلى الفرق بين الحزم والعنف؛ حتى لا نعالج المشكلة بأخرى. لذا، لا يجوز أن يقال له “أنت أخطأت”، بل الأصح أنَّ “ما قمت به خاطىء”. كذلك، لا يجب القول “أنت وسخ، بل يداك متسختان”، وتفادي القول “أنت غبي”، بل “التصرف الذي قمت به يخلو من التركيز”، أي يجب انتقاد التصرف لا الطفل بشخصه. وحكماً عندما يشعر الطفل بالعطف والحنان سيتحسَّن تصرفه.
ويمكن الأهل مكافأة الطفل إذا قام بفعل جيد سواء أكان مادياً أم معنوياً، وجعله يشعر بأنهما فخوران به أمام أصدقائه، مع ذكر خصاله الجيدة لا المشينة. ويجب على الأهل أن:
– يكونوا إيجابيين
– أن يمنعوا طفلهم من مشاهدة التلفاز قبل الذهاب إلى المدرسة
– أخذه للقيام بنشاطات رياضية
– اللجوء إلى الألعاب لتوصيل العِبر والأفكار، أو إلى الرسم كي يتمكن من التعبير عما يشعر به.
– في نهاية أسبوع، أو خلال المناسبات والأعياد والعطل، يفضَّل عدم التقيد بالقوانين في المنزل، أي غض النظر عن بعض الأمور وجعله يشعر بالراحة.
-عدم الصراخ في وجهه عندما يخطىء، بل الانحناء نحوه والتكلم معه بهدوء وبنبرة منخفضة أنَّ ما قام به يجب عدم تكراره، عبر أخذه إلى غرفته والقول له بضرورة الحوار بعد أن يهدأ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق