 |
تعليم البنت معنى الأنوثة الحقيقية وقوة الشخصية ليس أمرًا سهلًا، وهو مسؤولية كبيرة على عاتق الأب والأم، الذين من واجبهما عدم الانشغال بهموم الحياة لدرجة إهمال أطفالهم وإغفال منحهم المحبة والاهتمام اللذيْن هم بحاجة له وبشدة حتى يضعوا لهم أساسًا متينًا يحفظهم قبل إطلاقهم في هذا العالم الخطير.
أثبتت لي الأيام أن كل طفل بداخله ما يدفعه بشكل دائم لإثبات ذاته، فالصبي يحاول دومًا إثبات أنه يمتلك المهارات والمواهب وهذا يظهر بالحركات الغريبة والضجّة التي يثيرها حتى يثبت مهاراته التي يملكها. أما البنت فتبقى منشغلة دومًا بأن تكون جميلة وملفتة للنظر، وهذا ما نجده في التنورة والفستان والوقوف لساعات أمام المرآة.
هذا جعلني أعيد التفكير في تربية الأولاد، وأبحث عن الطريقة المناسبة للتعامل مع طفلتي، هذا الكائن اللطيف الذي ندعوه بنتًا والتي تتسم بالرقّة وبطبيعتها العاطفية المُحبة.
لكن السؤال الذي يطرح ذاته، كيف نربّي بناتنا حتى يصبحن سيدات واثقات من أنفسهن؟ وماهي الطريقة للحفاظ على أنوثتهن بينما نقوّي إحساسهن بشخصيتهن؟
تربية البنات تحتاج الكثير من الحب والعاطفة والوقت، وهذا الأمر يتم من خلال المناخ الآمن الذي يجب أن نوفّره داخل الأسرة والذي يتسّم بالمحبة، ويعتمد بشكل أساسي على أب مهتم ومشجّع- وهذا لا يلغي دور الأم- لكن تعزيز شعور البنت بقيمتها وثقتها بنفسها يعتمد بشكل خاص على علاقتها بأبيها.
وحتى أتمكّن من تنمية صورة ذاتية سوية لدى طفلتي منذ صغرها، كان عليّ أن أخبرها كم هي جميلة ومحبوبة، لكن دون المبالغة بالموضوع حتى لا يتحوّل تفكيرها وتركيزها على شكلها الخارجي فقط، وكان عليّ أن أحتضنها وأمدحها على صفاتها الشخصية المحببة وأجعلها تشعر كم أنا أحبّها. هذا بالإضافة إلى تخصيص وقت يومي وأسبوعي لإظهار اهتمامنا ومحبتنا لها، ومشاركتها كل لحظاتها وأوقات لعبها منذ صغرها وعدم انتظارها لتكبر، فعندها لن أتمكّن من بناء هذه العلاقة.
تربية البنت له خصوصية كبيرة فهي تتأثر عاطفيًا ونفسيًا أكثر بكثير من الصبي، ويفضّل مراعاة مشاعرها لأنها تتميّز بالمشاعر الحسّاسة والمرهفة، وتتأثر بشكل كبير بكل ما يجري حولها، كما أنها تفضّل أسلوب المناقشة والتفاهم أكثر من الفرض.
أبناؤنا عطية من الله، ولا توجد أولوية أهم من مسؤولية تربيتهم في الطريق الصحيح، ومسؤوليتنا هي أن نعلّمهم القيم والمهارات، ونغرس فيهم الأمانة والصدق وضبط النفس والثقة بالذات والعطاء والاحتشام والأخلاق، ونرّبيهم بطريقة تساعدهم على تجنّب حقول الألغالم التي تعترض طريقهم عندما يكبرون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق