لحظات تأمل
منقولة من أجلكم
الحلقة الخامسة
من القصص التي تذكرتها قصة أحد الإخوان الذين لي بهم علاقة خاصة،
حكى لي مرة أنه كان نازلاً من الدور الثاني في منزله،
ويحمل بين يديه بُنيّته الصغيرة التي شارفت إكمال الربيعين من العمر ..
يقول صاحبي: وأنا في وسط درجات السلّم نازلاً عثرَت قدمي، فسقطتُ،
وبنيتي بين يدي، فوجدتني بشكل تلقائي سريع أنحرف إلى الأرض
بالطرف الآخر من جسمي لأداري عن بنيّتي سقوطها على الأرض،
وبسبب رفعي لها بكلتا يدي فإني لم أستطع أن أحمي نفسي،
فتسبب لي ذلك بكدمات شديدة، وذهبت بنيّتي تكمل لعبها و
هي لا تعلم ما الذي جرى لي؟!
كنت أتأمل قصة صاحبي وأتعجب كثيراً من مشاعر الأبوة
هذه التي جعلته بشكل عفوي سريع يؤلم نفسه لتسلم بنيته! فيقيها بنفسه،
ولا يفكر في اتخاذ القرار، بل يندفع لذلك بلا شعور في أجزاء من الثانية .. !
قصة أخرى مماثلة تذكرتها أمام ذلك المشهد،
وهي قصة صاحب آخر حكى لي مرة أنه لازال يتذكر وهو صغير
أنه كان في ليلة من الليالي مريضاً يئن طوال الليل،
وأن والدته كانت بجانبه تنظر إليه، وتختنق أنفاسها مع كل زفرة من أنينه،
وتتوجع له حتى تكاد تخرج روحها من التألم له ..
ليس هذا كله هو اللافت، وإنما يقول صاحبي:
أنه كان يسمع والدته - رحمها الله - كانت تتمتم بدعاء وتقول:
ياليته فيني ولافيك .. ياليته فيني ولافيك وأنا أمك
فكنت أتعجب كثيراً كيف تتمنى تلك الوالدة الحنونة أن يكون المرض
فيها وليس في ولدها؟!
يا لمشاعر الأمومة هذه التي لا يمكن تخيل مدى فدائها لفلذة كبدها!!
وخير من هذه القصص السابقة، وأشرف وأجل منها،
قصة أخرى قفزت لذهني حين كنت أمام ذلك المشهد المؤثر،
وهي قصة وقعت أمام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في السنة
الثامنة للهجرة، وذلك أنه حين جاء سبي هوازن رأى النبي
فيه أماً حنونة ملهوفة تبحث في السبي عن صبيها.
ويروي عمر بن الخطاب القصة فيقول:
( قدِمَ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَبيٌ،
فإذا امرأةٌ من السبيِ قد تحلُبُ ثَديَها تَسقي،
إذا وجدَتْ صبيًّا في السبيِ أخذَتْه، فألصقَتْه ببَطنِها وأرضعَتْه،
فقال لنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
أترَونَ هذه طارحَةً ولدَها في النارِ
قُلنا : لا، وهي تقدِرُ على أن لا تطرَحَه،
فقال : لَلّهُ أرحَمُ بعبادِه من هذه بولَدِها )
ثم أعيد التأمل في هذا المشهد الذي استحوذ على أحاسيسي،
هذا المشهد الذي استثار هذه القصص من مكامنها في ذاكرتي ..
أتدري ما هو هذا المشهد المؤثر الذي هيّج كل هذه القصص
في نفسي يا أخي الكريم؟
إنه بكل اختصار آية من كتاب الله كادت تذهب بلبّي وأنا أقرؤها،
فكل ما أعرف من رحمة الأبوة والأمومة بأطفالهم فإنه سيذهب بها
هول لحظة مشاهدة النار يوم القيامة،
فيتمنى الأب العطوف والأم الحنون أن يتخلصوا من هذه النار
حتى لو أرسلوا فلذات أكبادهم إليها، يقول الحق تبارك وتعالى
في مشهد مرعب: ...
{ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ }
للتأملات بقية ....
انتظرونا غدا ان شاء الله تعالى
منقولة من أجلكم
الحلقة الخامسة
من القصص التي تذكرتها قصة أحد الإخوان الذين لي بهم علاقة خاصة،
حكى لي مرة أنه كان نازلاً من الدور الثاني في منزله،
ويحمل بين يديه بُنيّته الصغيرة التي شارفت إكمال الربيعين من العمر ..
يقول صاحبي: وأنا في وسط درجات السلّم نازلاً عثرَت قدمي، فسقطتُ،
وبنيتي بين يدي، فوجدتني بشكل تلقائي سريع أنحرف إلى الأرض
بالطرف الآخر من جسمي لأداري عن بنيّتي سقوطها على الأرض،
وبسبب رفعي لها بكلتا يدي فإني لم أستطع أن أحمي نفسي،
فتسبب لي ذلك بكدمات شديدة، وذهبت بنيّتي تكمل لعبها و
هي لا تعلم ما الذي جرى لي؟!
كنت أتأمل قصة صاحبي وأتعجب كثيراً من مشاعر الأبوة
هذه التي جعلته بشكل عفوي سريع يؤلم نفسه لتسلم بنيته! فيقيها بنفسه،
ولا يفكر في اتخاذ القرار، بل يندفع لذلك بلا شعور في أجزاء من الثانية .. !
قصة أخرى مماثلة تذكرتها أمام ذلك المشهد،
وهي قصة صاحب آخر حكى لي مرة أنه لازال يتذكر وهو صغير
أنه كان في ليلة من الليالي مريضاً يئن طوال الليل،
وأن والدته كانت بجانبه تنظر إليه، وتختنق أنفاسها مع كل زفرة من أنينه،
وتتوجع له حتى تكاد تخرج روحها من التألم له ..
ليس هذا كله هو اللافت، وإنما يقول صاحبي:
أنه كان يسمع والدته - رحمها الله - كانت تتمتم بدعاء وتقول:
ياليته فيني ولافيك .. ياليته فيني ولافيك وأنا أمك
فكنت أتعجب كثيراً كيف تتمنى تلك الوالدة الحنونة أن يكون المرض
فيها وليس في ولدها؟!
يا لمشاعر الأمومة هذه التي لا يمكن تخيل مدى فدائها لفلذة كبدها!!
وخير من هذه القصص السابقة، وأشرف وأجل منها،
قصة أخرى قفزت لذهني حين كنت أمام ذلك المشهد المؤثر،
وهي قصة وقعت أمام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في السنة
الثامنة للهجرة، وذلك أنه حين جاء سبي هوازن رأى النبي
فيه أماً حنونة ملهوفة تبحث في السبي عن صبيها.
ويروي عمر بن الخطاب القصة فيقول:
( قدِمَ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَبيٌ،
فإذا امرأةٌ من السبيِ قد تحلُبُ ثَديَها تَسقي،
إذا وجدَتْ صبيًّا في السبيِ أخذَتْه، فألصقَتْه ببَطنِها وأرضعَتْه،
فقال لنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
أترَونَ هذه طارحَةً ولدَها في النارِ
قُلنا : لا، وهي تقدِرُ على أن لا تطرَحَه،
فقال : لَلّهُ أرحَمُ بعبادِه من هذه بولَدِها )
ثم أعيد التأمل في هذا المشهد الذي استحوذ على أحاسيسي،
هذا المشهد الذي استثار هذه القصص من مكامنها في ذاكرتي ..
أتدري ما هو هذا المشهد المؤثر الذي هيّج كل هذه القصص
في نفسي يا أخي الكريم؟
إنه بكل اختصار آية من كتاب الله كادت تذهب بلبّي وأنا أقرؤها،
فكل ما أعرف من رحمة الأبوة والأمومة بأطفالهم فإنه سيذهب بها
هول لحظة مشاهدة النار يوم القيامة،
فيتمنى الأب العطوف والأم الحنون أن يتخلصوا من هذه النار
حتى لو أرسلوا فلذات أكبادهم إليها، يقول الحق تبارك وتعالى
في مشهد مرعب: ...
{ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ }
للتأملات بقية ....
انتظرونا غدا ان شاء الله تعالى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق