لو أنَّ الكتاب تكلم لرأيناه يشكو من التلفاز لكثرة ما أبعدَ الناسَ عنه ومما يلي حوار بينَ الكتاب والتلفاز . يقول الكتاب : في عصري الذهبي، كنتُ مصدرَ العلم الوحيد، وموئلهُ الأول، ونبعهُ الصافي، حتَّى جاءَ التلفاز ولوَّثَ عقولَ الناس، وعطِّلَ عقولهم عن التفكير . يرد التلفاز في فخر : أنا الذي قرَّبتُ العقول والحضاراتْ، وذهبتُ بالناس في رحلاتٍ مجانية، إلى كلِّ بقاع الأرض فما حاجتهم إلى الأوراق القديمة المملة . يقول الكتاب في حزن : ولكنَّ المعرفة جاءت من سطور هذا الأوراق القديمة، وهي التي بنى عليها العلماء، أفكارهم ونظرياتهم حتى استطاعوا أن يصنعوا التلفاز، ولولاها لما صنعوا شيئاً، والآن جئتَ لتمحوها !! وتمحو الأصالة معها . يجيبه التلفاز : لكل عصرٍ بطلً وفارس، أنتَ كنتَ بطل العصور القديمة، وغاية العلماء والقرَّاء زمناً طويلاً، ولكنَّ هذا العصر هو عصر التطور والتكنلوجيا، لقد مضى زمان الكتب، هذا زمان الصورة الناطقة والمتحركة، فدع لكل زمانٍ ما يناسبه . يرد الكتاب : ولكنك جئتَ للناس بالمفسداتِ، ونشرتَ بينهم المحرمات، والأمراض العقلية، وزرعت الأفكار الملوثة في العقول الصغيرة والكبيرة، ولكم زادت نسبة الجريمة، والقتل والاساءة بينَ الناس لما تعرضهُ شاشتكَ الصغيرة . التلفاز : أنا مرآه تعكس العالم بخيره وشرِّه، وشاشتي فيها الخير والعلم والفائدة، كما فيها الشر والاساءة، فمن شاء الخير ساراً في طريقه ومن أراد الشر كذلك عثر على بغيته، فالخير والشر إرادة الناس . الكتاب : نعم هذا صحيح، كذلك القراءة والمشاهدة خيار الناس، ولكنكَ سلبتَ عقولهم، بالمؤثرات والخدع، فتوقفوا عن أعمالها وأصبحوا ينساقون وراء المشاهد والعروض، بالرغم من العلم والفائدة الكثيرة التي يحويها التلفاز، فالمهم ليسَ في الوسيلة المهم في طريقة استعمالها . التلفاز : أنا من صنع يدي البشر، وما تصميمي إلا بناءً على تلك العقول النيرة التي تريد مساعدة الناس لفهم العلوم أكثر ،ولتقريب المسافة بينَ الحضارات، وبالرغم من أنَّ هناك أشياء لا تستطيع الكتب ان تريها للانسان، وأماكن لا يمكنكَ أن تأخذ الناس إليها، إلاَّ أنَّ الكتاب يظلُّ المتعةَ الأولى لمن يقدِّر العلم . الكتاب : ولو وزع الناس وقتهم بشكل صحيح وعاقل لاستفادوا من الكتاب ومن التلفاز أقصى فائدة ممكنة . |
حوار بين الكتاب والتلفاز - منتديات غزل قلوب مصرية
حوار بين الكتاب والتلفاز - منتديات غزل قلوب مصرية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق