هذه أفضل هدية تقدمها لأبنائك بقلم : جاسم المطوع

هذه أفضل هدية تقدمها لأبنائك بقلم : جاسم المطوع

مَ؏ڝَوَمَةَ på Twitter: "أجمل ما يستطيع الأب أن يقدّمه لأبنائه ليعيشوا  بسعادة هو أن يحبّ أمّهم. 🌸 https://t.co/6HOn96q16O" / Twitter

سألت من حولي عن افضل هدية نقدمها للابناء فاختلف الحضور في وجهة نظرهم، وقال الاول تعطيهم المال وهم يتصرفون فيه، وقال الثاني اعمل لهم مفاجأة بأن تضع الهدية الصغيرة في علبة كبيرة، وقال الثالث خذهم للسوق وقل لهم ما تشترونه اليوم هو هديتي لكم، وبدأت الافكار تتساقط من كل مكان حول نوع الهدية وشكل الهدية وطريقة تقديم الهدية ولكني نظرت الى الحضور وقلت لهم: ولكن الهدية التي اعنيها تختلف عما تحدثتم به.

فنظروا إليّ باستغراب وبادرتهم بالجواب وقلت لهم: سأقول لكم ما بخاطري بعد ذكر هذه القصة الواقعية، فقد كان احد الآباء ينوي الخروج من منزله فوقف امامه عند الباب احد ابنائه ويبلغ من العمر سبع سنوات وقال لوالده: الى اين انت ذاهب؟ فرد عليه الاب بعصبية: هذا ليس من شأنك، ثم دفع ابنه بقوة وخرج من البيت فلما ركب سيارته شعر بتأنيب الضمير فنزل من سيارته ودخل بيته فوجد ابنه يبكي في غرفته وعل‍ى فراشه فاقترب منه يعتذر له فسأله ابنه: بابا كم قيمة ساعتك بالعمل؟ فرد عليه الأب وهو مستغرب من سؤاله خمسة عشر ديناراً فقفز الابن مسرعا الى محفظته واستخرج منها خمسة عشر دينارا وقدمها لوالده، وقال له انا اريد ان اشترى منك ساعة حتى تأتي اليوم مبكرا وتتناول العشاء معنا لانك لا تجلس معنا على العشاء كل يوم، فصدم الاب من ردة فعل ابنه وذرفت عيناه بالدمع ثم احتضنه وقال له: دع نقودك في محفظتك واليوم سأحضر مبكرا لتناول العشاء معكم ان شاء الله، ثم خرج من بيته وهو يفكر اثناء الطريق في حياته وعائلته.

فلما انتهيت من ذكر القصة التفت الى من حولي وقلت لهم (الوقت) هو اغلى وأهم هدية نقدمها لابنائنا ونحن غالبا نهمله ولا نفكر فيه، فكل دقيقة تصرفها معهم تشعرهم بالامن والامان والراحة والاطمئنان وكلما اشتم الاطفال رائحتك معهم ولو لم تفعل معهم شيئا شعروا بالقوة والثقة والاستقرار والحب.

وأذكر بهذه المناسبة احد الاصدقاء قال لي يوما بأنه رجع لبيته مبكرا من اجل الجلوس مع ابنائه ولديه اربعة من الابناء فلما دخل بيته شاهد ابنائه يلعبون مع بعضهم البعض فجلس بقربهم يقرأ كتابا وبعد مضي ساعتين شعر انهم لا يحتاجون اليه، فقام متجها الى الباب وعندما وضع يده على مقبض الباب جاءته ابنته الصغيرة مسرعة وعمرها خمس سنوات وقالت له بصوت عال الى اين يا ابي؟ فرد عليها اريد ان اخرج لاقضي بعض اشغالي، فقالت له اجلس معنا فرد عليها ولكني كنت معكم ولمدة ساعتين ولم يكلمني احد منكم، فنظرت اليه باستعطاف وقالت له بابا عندما نلعب وتكون انت جالس معنا وننظر اليك بين فترة وأخرى نشعر بالسعادة، فتأثر الاب من كلماتها ورجع داخل بيته وجلس بقربهم وهم يلعبون.

يقول لي هذا الاب لقد عبرت ابنتي عن مشاعرها الداخلية وما كنت اعرفها وأتصورها لو لم تفصح بها وكم من طفل يكتم مشاعره تجاه والديه، فالاطفال يربطون الحب بالعطاء فاذا خصصنا جزءا من وقتنا لهم فهم يفهمون من الوقت الذي نقضيه معهم اننا نحبهم، هكذا هم يفكرون، فالوقت يساوي حب والوقت استثمار للمستقبل فقد نجح يوسف عليه السلام في شبابه ودعوته وادارة وزارته وتجاوزه فتنة النساء بسبب الوقت الذي صرفه يعقوب عليه السلام في الجلوس معه والحوار معه وابراهيم عليه السلام يحاور ابنه في الذبح ويطلب منه المساعدة في بناء الكعبة اليس ذلك وقتا يقضيه الاب مع ابنه، ولكن كانت النتيجة ان ابنه صار نبيا من بعده والقصص في ذلك كثيرة.

واليوم نعيش ازمة التفويض في التربية ونترك الاطفال مع الخدم او امام الشاشات الفضية ثم نتمنى ان يكونوا من اهل الصلاح والاستقامة والتميز والابداع ونحن لا نعطيهم من وقتنا الى فضلة اوقتنا ونكون كمن يركض خلف السراب ويرجو ان يشرب منه الماء.

أعط من وقتك لابنائك وتواصل معهم بصريا عند اللقاء وجسديا عند الجلوس وكلاميا عند الحوار وعاطفيا عند التعبير ونفسيا عند الازمات ودينيا في كل حياتهم عندها سيكون ابنك كما تريد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق