ماذا بعد رمضان ؟

 ماذا بعد رمضان ؟

ومضي رمضان ، وما فيه من اجتهاد في العبادة من صيام وقيام واعتكاف وتلاوة قرآن ، طلبا للمغفرة والرحمة والعتق من النيران ؛ وما فيه من خير كثير وبِّر وإحسان وإكثار من الصدقات . وقد أمرنا تعالي بالثبات علي الطاعات حتي الممات { وَاعبُدْ رَبَّك حَتَّي يَأتِيَكَ اليَقِينُ } [الحِجر] ، فاحذر الفتور بحجة الراحة بعد رمضان؛ فقد سُئل الإمام أحمد : متى الرَّاحة ؟ قال :”عندما تضع أول قدم من قدميك فى الجنة ” .

والهدف الأسمي من الصوم التقوي كما قال تعالي : { كُتبَ عليكمْ الصِّيامُ كمَا كُتِبَ عَلي الَّذينَ مِن قبْلِكُم لعَلَّكُم تتقون } [البقرة:183] ، وهي أن يجدك الله حيث أمرك وأن يفقدك حيث نهاك . وهدف كل العبادات بناء الإنسان التقي في علاقته بربه في العقيدة والعبادة وعلاقته بالناس بالخلق الحسن والمعاملات السوية ، فالصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر ، والصوم يهذب الاخلاق ويعود علي الصبر علي الطاعات والصبر علي المباحات ، وكذا الحج . وتربية الخلق ليست خاصة برمضان ولكنه تدريب شهر يجب أن يطبق فى باقي العام ، فعلي المسلم أن يتخلق بأخلاق الله ، وبأخلاق رسول الله فقد كان قرآنا يمشي علي الأرض وكان خلقه القرآن .

فتعالوا نستعرض الوسائل المساعدة على الثبات بعد رمضان ؛ اطلب العون من الله تعالي على الهداية والثبات بالدعاء { رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا }، والدعاء ( اللهُمَّ أعِنَّا علي ذِكركَ وشُكرِكَ وحُسن عبادتك ). وحافظ على البيئة الإيمانية التى كنت تعيش فيها الطاعة فلا تخفض من همتك العالية فى العبادة بالمحافظة على الحد الأدنى ، فإن ( أحبُّ العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قلَّ ) من صلاة الجماعة والحرص على أداء الفرائض فى أوقاتها ، والحرص على النوافل من صوم ستا من شوال كما قال رسول الله  من صام رمضان ثم اتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر ) ،

واعلم أنه من غير الطبيعى أن يظل الإنسان على نفس المستوى الإيمانى والروحى أبداً ، فإن الإيمان يزيد وينقص ، يزيد بالطاعات وينقص بالمعصية . واسأل نفسك هل تقبل الله منك رمضان أم لا ؟ ..اعلم أن الإستمرار على الطاعة علامة قبول العمل ، فقد قال الإمام أحمد : أن من علامات قبول الحسنة استمرار الحسنة بعد الحسنة.

– اشغل نفسك باستمرار الشحن الإيمانى فلا يكن علاقتك بربك طارئة تنتهي بانتهاء رمضان ـ تدارس القرآن وعلومه من ترتيل وتفسير وفقه وسيرة – اشتغل عند الله بالدعوة إليه بما تيسر لك فقد قال النبي : ( بلغوا عنى ولو آية ) . وإن أقفل الله لك بابا للطاعة بالعجز عن العبادة لمرض أو غيره فإنه يفتح لك باباً آخر بالمشاركة فى الأعمال الخيرية المفيدة للمجتمع من رعاية المسنين والمعوقين والأيتام ومرضى القلب والسرطان ومواساتهم بكل سبيل مادى ومعنوى . ولا ينسيك الفرح بقدوم العيد إخوانك المحتاجين فأنت قد جربت الجوع شهرا، فأكثر من الصدقات والإحسان إلى الفقراء والمساكين بطعام أو كساء أو دواء ، ومنها إخراج زكاة الفطر قبل العيد لقوله (ص) : ( أغنوهم عن المسالة فى مثل هذا اليوم ) ، فالصدقة تطفئ الخطيئة وتزكي النفس .

– واعلم أن طريق الاستقامة مستمر من رمضان إلى رمضان ، فقد قال (ص) : ( الصلاة إلى الصلاة ، ورمضانُ إلى رمضان ، والحجُّ إلى الحجِّ ، مُكفراتٌ ما بينهنَّ إذا اجتنبت الكبائر ) ، وقال تعالى : {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا } [النساء] .

فعلي العبد أن يكون عبدا ربانيا لا عبدا رمضانيا ، فنحن كنا فى معية الله شهر بأكمله أكرمنا فيه وأذاقنا حلاوة الإيمان ورحمنا وغفر لنا وأعتقنا من النيران ، فبئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا فى رمضان ، فرَبُّ رمضان هو ربُّ كل العام ؛ وشهر رمضان نعمة من الله وفقنا فيه للعبادة ، وشكر النعمة يكون بمداومة الشكر وبمداومة العمل { وَلئِنْ شكرْتمْ لأزيدنَّكم } .هدانا الله وإياكم لصالح الأعمال ، وثبتنا وإياكم علي طاعته وحسن عبادته …

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق