ساهم العلماء العرب على مرّ التاريخ في إثراء المجالات العلمية المختلفة بشتى أنواع الاكتشافات والمعرفة، ولم يقتصر الأمر على علماء العصور الغابرة كما يظن البعض، فقد حجز العرب لأنفسهم مراكز مرموقة بين علماء العصر الحديث، وكان لهم بصمة في تقديم إنجازات علمية سطع نجمها في العصر الحديث، وتالياً نستعرض 5 من أبرز هؤلاء العلماء.
د. شادية رفاعي حبال
عالمة فلك وفيزياء سورية أمريكية، وهي ابنة عالم النفس السوري الدكتور نعيم الرفاعي، وتُعدّ من أهم علماء الفيزياء الشمسية، حيث إنّ بحوثها تتركز حول الرياح الشمسية وكسوف الشمس.
ولدت الدكتورة شادية رفاعي الحبال في مدينة حمص السورية، حيث حصلت على شهادتها الثانوية ثم نالت درجة البكالوريوس في علوم الفيزياء والرياضيات من جامعة دمشق، والماجستير في الفيزياء النووية من الجامعة الأمريكية في بيروت، ثم الدكتوراه في الفيزياء من جامعة سنسناتي في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1977.
وأسهمت الدكتورة شادية، التي تقود حالياً فرقاً علمية لرصد كسوف الشمس حول العالم، في تطوير أول مركبة فضائية ترسل إلى أقرب نقطة من الشمس وفي تصميم كائنات آلية للاستكشافات الفضائية، فضلاً عن قيادتها لحركة أكاديمية لنساء العلم عرفت باسم “النساء المغامرات”.
وخصّصت شادية جانباً كبيراً من أبحاثها لدراسة الطبيعة الديناميكية للانبعاثات الشمسية في مناطق الطيف الراديوية، والضوء المرئي، والمنطقة القريبة من أمواج الطيف تحت الحمراء، وفوق البنفسجية، وما يليها.
كما قامت بدراسة الرياح الشمسية لتحديد العوامل الفيزيائية المسؤولة عن خواصها، وركّزت بشكل مُكثّف على دراسة سطح الشمس، وثورته التي تمتد إلى ما بين كواكب مجموعتنا الشمسية.
ودرست شادية ظاهرة الرياح الشمسية، التي كانت تُقسّمها الأبحاث عادة إلى نوعين: رياح سريعة تنطلق من القطب الشمسي بسرعة 800 كلم في الثانية ورياح بطيئة تبدو في مشيتها المتثاقلة كأنّها قادمة من المنطقة الاستوائية للشمس، وقد عصفت أبحاث شادية وزملائها بهذه التصورات حين كشفت أنّ الرياح تأتي من كل مكان في الشمس وأنّ سرعتها تتوقف على الطبيعة المغناطيسية للمواقع المختلفة.
د.أحمد زويل
يُعدّ العالم المصري أحمد زويل واحداً من أبرز العلماء العرب في العصر الحديث،تلقى تعليمه الأساسي والثانوي في مصر، حيث حصل أيضاً على بكالوريوس العلوم بدرجة الامتياز من جامعة الإسكندرية، وعمل معيداً في الكلية حتى سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال تعليمه، وحصل على درجة الدكتوراه في علوم الليزر من جامعة بنسلفانيا.
وفاز زويل بجائزة نوبل للكيمياء في عام 1999، عن أبحاثه في مجال “كيمياء الفيمتو”، أي تكنولوجيا تصوير التفاعلات بين الجزيئات باستخدام أشعة الليزر.
ونشر زويل ما يقارب الـ350 بحثاً علمياً، وورد اسمه في قائمة الشرف الأمريكية، التي تضم أهم الشخصيات المساهمة في النهضة الأمريكية، كما حاز على جائزة “بنجامين فرانكلين”، لاكتشافه أصغر وحدة زمنية في الثانية، المعروفة باسم “ثانية الفيمتو”. كما نال العشرات من الجوائز والأوسمة العالمية الأخرى.
توفي أحمد زويل عام 2016، عن عمر يناهز الـ70 عاماً، وذلك بعد صراع مع ورم سرطاني في نخاعه الشوكي.
د. منير نايفة
يُعدّ العالم العربى الدكتور منير حسن نايفة، المولود عام 1945 في قرية شويكة قضاء مدينة طولكرم الفلسطينية، أحد أبرز علماء الفيزياء في القرن العشرين؛ فقد وضع يده على مفاتيح الذرة وكشف أسرارها.
بعد إنهاء دراسته الابتدائية في طولكرم، غادرها للأردن لاستكمال دراسته الثانوية، ثم إلى لبنان للحصول على درجة البكالوريوس من الجامعة الأمريكية ببيروت، ثم الماجستير في الفيزياء عام 1970، ونال بعدها منحة أخرى مُقدّمة من جامعة ستانفورد الأمريكية للحصول على الدكتوراه.
وعمل نايفة في الفترة من عام 1977 وحتى عام 1979 باحثاً فيزيائياً في جامعة كنتاكي، ثم التحق عام 1979 بجامعة ألينوي.
وقد تمكّن نايفة من الإجابة عن تساؤل مهم طرحه عالم الفيزياء الشهير “ريتشارد فاينمان” في عام 1959، عندما تساءل: ماذا سيحدث لو استطاع الإنسان التحكّم في حركة ومسار الذرة ونجح في إعادة ترتيب مواقعها داخل المركبات الكيميائية؟ وفي أقل من 20 عاماً قدّم نايفة إجابته الفائقة، عندما نجح في تحريك الذرات منفردة.
وفي التسعينيات، تحدّثت كبريات المجلات العلمية المُتخصّصة ووكالات الأنباء العالمية عن العالم العربي الذي رسم صورة قلب داخله حرف “P” باستخدام الذرات المفردة في الإشارة إلى فلسطين، ويرى العلماء أنّ هذا الكشف من الاكتشافات الثورية التي أتاحت للعلم الدخول إلى منطقة لم يسبق له الدخول إليها من قبل، ويمكن استنتاج تلك القفزة التي حقّقها ذلك العلم من خلال “الماكرو تكنولوجي” التي أنتجت أجهزة الكمبيوتر والترانزستور وكل المعدات الإلكترونية الحالية.
كما نشر نايفة ما يزيد على 130 مقالاً وبحثاً علمياً، وشارك مع آخرين في إعداد وتأليف العديد من الكتب التي تتحدث عن علوم الليزر والكهربية والمغناطيسية.
د.محمد النشائي
تمكّن العالم الفيزيائي المصري الشهير محمد النشائي، المولود في القاهرة، من تصحيح بعض الأخطاء والمفاهيم العلمية التي تضمنتها نظرية النسبية العامة لآينشتاين.
وحصل النشائي على درجة البكالوريوس في الهندسة من ألمانيا ثم درجة الدكتوراه من جامعة لندن، قبل أن يفاجئ العالم بنظريته المعروفة باسم “نظرية المقطع الذهبي في فيزياء الكم” التي تفترض حلولاً جديدة لمشكلات ميكانيكا الكم عبر دراسة الزمكان.
وقدّم نظريته الشهيرة التي أطلق عليها نظرية “القوى الأساسية الموحدة”، ومن ثم نجح، خلال عمله أستاذاً بقسم الرياضيات والطبيعة النظرية بجامعة كامبريدج ببريطانيا، في تأسيس أول مجلة علمية في العلوم غير الخطية وتطبيقات العلوم النووية، وتصدّرت هذه المجلة في أمريكا وإنجلترا وهولندا.
تمّ تكريمه من قبل مركز الفيزياء النظرية التابع لجامعة فرانكفورت الألمانية كأستاذ متميز لدوره في تطوير نظرية يُطلق عليها اصطلاحيا “الزمكان كسر كانتوري”.
لديه 100 بحث مُسجّل في الجمعية الأمريكية للرياضيات، وقد رشّحه علماء حائزون على جائزة نوبل مرات عدة لنيل هذه الجائزة.
د.أحمد سعيد الطيبي
طبيب فلسطيني، ولد في لبنان، ثم انتقل إلى سوريا، ثم إلى الكويت، حيث أكمل دراسته الإعدادية والثانوية هناك، ومنها إلى مصر حيث درس الطب في جامعة القاهرة، لتبدأ بعد ذلك رحلته في الجامعات الغربية.
نال الطيبي درجة الدكتوراة في مجال الطب الوراثي من جامعة لندن، واكتشف 35 متلازماً جينياً ذا صلة عميقة في تهيئة الاستعداد الوراثي للأمراض ذات المنشأ الجيني، وسُميّت العديد من هذه المتلازمات الجينية باسمه.
له 200 ورقة علمية طبية، بالإضافة إلى كتاب يتحدّث فيه عن الأمراض الجينية عند العرب، وهو ما شكّل النواة الأولى لتأسيس “الجمعية الأمريكية الشرق أوسطية لأطباء الوراثة”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق