القرآن تدبر وعمل سورة الحشر صفحة رقم 547
الوقفات التدبرية
١
{ وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ
سَبَقُونَا بِٱلْإِيمَٰنِ وَلَا تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }
قيل: يعني من جاء بعد الصحابة؛ وهم التابعون ومن تبعهم إلى يوم القيامة،
وعلى هذا حملها مالك فقال: إن من قال في أحد الصحابة قول سوء فلا حظ له
في الغنيمة والفيء؛ لأن الله وصف الذين جاؤوا بعد الصحابة بأنهم:
(يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلْإِيمَٰنِ)،
فمن قال ضدّ ذلك فقد خرج عن الذين وصفهم الله.
ابن جزي: 2/430.
السؤال:
كيف استنبط الإمام مالك من هذه الآية أن من تكلم في الصحابة
بسوء لا حظ له في الفيء؟
٢
{ وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ
سَبَقُونَا بِٱلْإِيمَٰنِ }
وهذا من فضائل الإيمان: أن المؤمنين ينتفع بعضهم ببعض، ويدعو
بعضهم لبعض؛ بسبب المشاركة في الإيمان المقتضي لعقد الأخوة
بين المؤمنين، التي من فروعها أن يدعو بعضهم لبعض.
السعدي: 852.
السؤال:
اذكر فضيلة من فضائل الإيمان دلت عليها هذه الآية.
٣
{ لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِى صُدُورِهِم مِّنَ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ }
وإنما الفقه كل الفقه: أن يكون خوف الخالق ورجاؤه ومحبته
مقدمة على غيرها، وغيرها تبعاً لها.
السعدي: 852.
السؤال:
ما علامة فقه العبد؟
٤
{ لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِى صُدُورِهِم مِّنَ ٱللَّهِ ۚ }
وجه وصف الرهبة بأنها في صدورهم: الإشارة إلى أنها رهبة جدُّ خفية،
أي: أنهم يتظاهرون بالاستعداد لحرب المسلمين، ويتطاولون بالشجاعة؛
ليرهبهم المسلمون، وما هم بتلك المثابة، فأطلع اللهُ رسوله ﷺ
على دخيلتهم.
ابن عاشور: 28/103.
السؤال:
لماذا وصفت الرهبة بأنها في صدورهم؟ وما الذي يفيده المسلمون
من هذا الوصف؟
٥
{ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ }
قال القشيري: اجتماع النفوس مع تنافر القلوب واختلافها أصل
كل فساد، وموجب كل تخاذل، ومقتض لتجاسر العدو، واتفاق القلوب
والاشتراك في الهمة والتساوي في القصد يوجب كل ظفر وكل سعادة.
البقاعي: 19/452.
السؤال:
ما خطورة تنافر القلوب؟
٦
{ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ
لَّا يَعْقِلُونَ }
لا دين لهم يجمعهم لعلمهم أنهم على الباطل؛ فهم أسرى الأهوية،
والأهوية في غاية الاختلاف، فالعقل مدار الاجتماع كما أن الهوى
مدار الاختلاف.
البقاعي: 19/453.
السؤال:
ما دلالة وصف اليهود بعدم العقل؟
٧
{ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ
لَّا يَعْقِلُونَ }
وفي الآية تربية للمسلمين ليحذروا من التخالف والتدابر، ويعلموا أن
الأمة لا تكون ذات بأس على أعدائها إلا إذا كانت متفقة الضمائر.
ابن عاشور: 28/106.
السؤال:
في الآية إشارة لأهمية الوحدة وعدم التفرق في مواجهة العدو،
وضح ذلك.
التوجيهات
1- الحرص على تنقية القلب من الغل والحقد على أهل الإيمان،
﴿ وَلَا تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾
2- الخوف والجبن صفة ملازمة لليهود، ﴿ لَا يُقَٰتِلُونَكُمْ جَمِيعًا
إِلَّا فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍۭ ﴾
3- الخوف من الخلق أكثر من الخالق علامة عدم الفهم، ﴿ لَأَنتُمْ أَشَدُّ
رَهْبَةً فِى صُدُورِهِم مِّنَ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ ﴾
العمل بالآيات
1- ادع بهذا الدعاء: ﴿ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلْإِيمَٰنِ
وَلَا تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾
2- تعوذ بالله من الشيطان الرجيم ووساوسه، ﴿ ﴾ كَمَثَلِ ٱلشَّيْطَٰنِ إِذْ قَالَ
لِلْإِنسَٰنِ ٱكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّى بَرِىٓءٌ مِّنكَ إِنِّىٓ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾
3- استخرج من هذه الآيات ثلاثًا من صفات المنافقين.
معاني الكلمات
الكلمة معناها
غِلاًّ حَسَدًا، وَحِقْدًا.
لإِخْوَانِهِمُ يَهُودِ بَنِي النَّضِيرِ.
جُدُرٍ حِيطَانٍ.
بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ عَدَاوَتُهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ.
شَتَّى مُتَفَرِّقَةٌ.
وَبَالَ أَمْرِهِمْ سُوءَ عَاقِبَةِ كُفْرِهِمْ.
كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ مَثَلُ المُنَافِقِينَ فِي وَعْدِهِمُ اليَهُودَ بِالنَّصْر
ِ وَخِذْلاَنِهِمْ لَهُمْ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ.
تمت الصفحة ( 547 )
انتظروني غدا باذن الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق