حوار مع شيخ يطلب حباً !.....د. جاسم المطوع
حوار مع شيخ يطلب حباً !
في جلسة خاصة مع رجل علم شرعي يعلم الناس الدين ويوجههم إليه ،
دار الحوار بيني وبينه حول المشاكل العاطفية التي كثرت في زماننا هذا ،
وكأن شعار الحياة للكبار والصغار صار (البحث عن الحب ) ،
وازدادت هذه الظاهرة أكثر بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي
(فيس ، تويت ، انستوجرام ، كيك ,,,,) فصار الكبير والصغير يبحث
عن الصداقة والحب خارج المنزل أو من خلال شبكات التواصل الاجتماعي ،
ولا يهمه إن وجد حبا صادقا أو كاذبا فالمهم أن يعيش الحب ويسمع
كلمات الحب
قلت له مازحا :
وهل تعتقد أن كل ملتزم بالدين لا يحتاج حبا في حياته ؟
وهل الحب بضاعة صممت لغير الملتزمين بالدين ؟
أم الحب بضاعة غير اسلامية ولم تذبح على الطريقة الشرعية ؟
فضحك وقال والله معك حق ، وهذا ما لم أفكر فيه ، فقلت له :
إذن عبر عن حبك لمن تحب ، وإذا كنت فاقدا للحب فابحث عن
من تحبه ويعطيك حبا.
وبينما نحن نتبادل أطراف الحديث التفت الشيخ علي وقال :
أود أن أصارحك بشيء في نفسي ، فسكت ، فقال : ولكني متردد ،
فقلت : اطمئن وعبر عما في نفسك حتى تستقر وترتاح ، قال :
ولكن الموضوع حساس ومحرج ، قلت له : هل قضيتك عاطفية ؟
قال نعم ، قلت له : إذن تكلم وخذ راحتك ، فالحب ليس عيبا وإنما هو
حاجة فطرية ومشاعر داخلية تدفع الإنسان للعمل والإنجاز والتفاؤل ،
ولولا الحب في الحياة لاسودت الدنيا ومات الناس ، فنظر إلي مبتسما
وقال : صدقت ثم قلت له : لا تنظر لنفسك على أنك شخصية معروفة
ومرموقة ولكن انظر لها على إنك انسان ، فقال : أنا متزوج ولدي
أبناء وملتزم بالفرائض والسنن وأعلم الناس الدين .. ثم سكت ،
فسكت معه ثم قال في تردد : صراحة أنا أشعر بأني محتاج للحب ،
فابتسمت وقلت له : ولماذا أنت متردد ؟
فطلبك هذا مشروع وليس خطأ ، بل هو طلب فطري ، فنظر إلي
وتنفس الصعداء ورفع رأسه ، ثم قال : ولكني أنا مستحي من نفسي
كيف أطلب هذا الطلب والمفروض أن حب الله ورسوله يغنيني
عن كل حب !
قلت له : كلامك صحيح فأساس الحب هو حب لله ورسوله ولكن هذا لا
يلغي حاجة الإنسان لحب آخر ، ثم أنه ما المانع من أن تستمتع
بالحب ويكون حبك منبثقا من حب الله ورسوله !
فالإنسان بحاجة لحب الأوطان وحب الوالدين وحب الزوجة وحب الأطفال
وحب الرياضة وحب الترفيه وحب الطعام وحب ممارسة الهوايات فهذه
كلها حب لا غنى للإنسان عنها ولا تتعارض مع حب الله ورسوله
ومفهوم الحب عندك غير صحيح ، فأنت خلطت بين الحب الإيماني
والحب الإنساني وهناك فرق بينهما ، وإذا تأملت في سيرة النبي
الكريم تجده محبا لله ونصرة دينه ومع ذلك قال : حبب إلي من دنياكم
ثلاث وذكر منها (النساء والطيب) ، وقد حزن حزنا شديدا على فقد
زوجته وحبيبته خديجة رضي الله عنها ، لأن فقد الحبيب من المصائب الكبيرة ،
فما المانع من الجمع بين الحبين ؟
ولماذا أنت محرج من التعبير عن مشاعرك ؟
فأنت لم تطلب أمرا خطأ أو مخالفا للفطرة ، بل أنت تطلب ما فطرك
الله عليه وهو حاجتك للحب في حياتك.
فالتفت علي وقال: على الرغم من أني تحدثت عن الحب كثيرا ولكن
هذا المعنى في التفرقة بين الحب الإيماني والحب الإنساني لم أفكر فيه
سابقا ، قلت له مازحا : وهل تعتقد أن كل ملتزم بالدين لا يحتاج حبا في حياته ؟
وهل الحب بضاعة صممت لغير الملتزمين بالدين ؟
أم الحب بضاعة غير اسلامية ولم تذبح على الطريقة الشرعية ؟
فضحك وقال والله معك حق ، وهذا ما لم أفكر فيه ، فقلت له :
إذن عبر عن حبك لمن تحب ، وإذا كنت فاقدا للحب فابحث عن من
تحبه ويعطيك حبا ، وإن كان حبك ميتا فاسعى لإحيائه ، فحياة لا حب
فيها كجدول لا ماء فيه ، فالحديث عن الحب وطلب الحب ليس حراما
طالما أنه كما أمر الله ورسوله ، وأذكر بالمناسبة شيخا انتقد الشيخ
علي الطنطاوي رحمه الله لأنه تكلم بالحب وقال له كيف تتكلم بالحب
وأنت قاض وعالم ، فرد عليه بكتاب ألفه عنوانه (غزل الفقهاء) ،
فلا مانع من البحث عن الحب ..
وليس أي حب وإنما هو (الحب الحلال).
د. جاسم المطوع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق