لكنَّ موارد الطاقة محدودة، ما يعني أنَّ الطاقة تنخفض كلما عملنا أكثر، وهذا ما يفسِّر سبب شعورنا بالتعب والإرهاق؛ لذلك يجب أن تتوقف عن العمل عندما تستنفد طاقتك، حتى لو لم تكن أنهيت عملك فعلاً.
في الصباح عندما يكون مستوى طاقتك مرتفعاً تكون قادراً على اتخاذ قرارات أفضل، وعادةً ما تشعر بعدم القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة عندما تشعر بالإرهاق الفكري، وكل أنواع الإرهاق سواء الجسدي أم الفكري وحتى العاطفي لها نفس السبب، وهو استنزاف موارد الطاقة.
لذلك؛ نهدف في هذا المقال إلى جعلك تفهم كيف تتجنَّب النشاطات التي تستنزف طاقتك، فطالما أنَّك لا تشعر بالإرهاق ستكون قادراً على الإنتاج أكثر؛ أي ستتحسَّن إنتاجيتك وستشعر بمزيدٍ من السعادة.
إنَّ عاداتنا السيئة هي أكثر ما يؤدي إلى استنزاف الطاقة ويقلِّل من إنتاجيتنا ويجعلنا غير سعداء،وفي هذا المقال ستقرأ 7 من أسوأ العادات تأثيراً في الطاقة وكيفية التخلُّص منها:
1. محاولة إرضاء جميع الناس:
إنَّه لأمر مرهق حقاً، عندما تحاول إثبات نفسك للآخرين، سواء كان مديرك في العمل، أم شريكك، أم والديك، أم المعلِّم، أم أي شخص آخر.
عندما تسعى إلى إرضاء الناس وجعلهم سعداء، فإنَّك لن تحصل سوى على التعاسة، وذلك لأنَّ ما يحدِّد أفعالك في هذه الحالة هو رغبات الآخرين وتوقعاتهم، بدلاً من رغباتك وتوقعاتك أنت.
اللطف والكياسة قد يساعدانك على بناء علاقات جيدة مع الآخرين، لكن يجب ألا يكون السبب هو رغبتك في أن تكون مقبولاً من الآخرين، فهذا النهج في الحياة ضارٌّ جداً، ويستنزف طاقتك، ويجعلك تهمل احتياجاتك الخاصة، ويجعلك تعيساً ومتوتراً طوال الوقت.
كيف تتخلَّص من هذه العادة؟
عوِّد نفسك على وضع حدود في علاقاتك مع الآخرين، وكن حازماً في هذه الحدود، بمعنى أنَّك لا يجب أن تخجل من الرفض عندما تشعر أنَّ الأمر لا يناسبك.
2. الإفراط في نقد الذات:
قد يكون الانتقاد المستمر للذات وتوبيخ نفسك على الدوام أمراً مرهقاً، وغالباً ما ينتج هذا السلوك عن ضعف تقدير الذات والشعور بعدم الكفاءة.
فعندما تظن أنَّك لست جيد بطريقة ما، مثل الشعور أنَّك لست موهوباً بما فيه الكفاية، فستشعر غالباً أنَّك غير جدير بشيء، وستحكم على نفسك بقسوة، وتبالغ في التركيز على نقاط ضعفك وتضخيمها، لكن، إذا لم تكن قادراً على رؤية شيء إيجابي في نفسك، فكيف يمكن لك أن تشعر بالحيوية والسعادة.
كيف تتخلَّص من هذه العادة؟
مارس التعاطف الذاتي، فعندما تتعلَّم أن تحفِّز نفسك وتتعاطف مع ذاتك وتحبها، ستشعر بالسلام والسعادة؛ لذا قدِّر مكاسبك، وأثنِ على جهودك، وتسامح مع نفسك عندما تخفق، وهنِّئ نفسك عندما تحاول.
3. الشعور المزمن بالغضب والاستياء:
العواطف السلبية ضارة، وأكثرها ضرراً الغضب والاستياء، ووفقاً لعلماء النفس يُعدُّ الغضب والاستياء أكثر العواطف التي ترهق الجسد والروح، وتظهر هذه المشاعر غالباً نتيجة التفكير المستمر بأحداث الماضي، وخاصةً عندما يكون هذا الماضي مؤلماً، ومثال عن ذلك أنَّ شخصاً ما أساء إليك فيما مضى وأنت ما زلت تُكِنُّ له مشاعر الحقد والضغينة.
فإذا كنت تريد المضي قدماً، فأنت تحتاج إلى الشجاعة لتخطي التفكير بالماضي السلبي؛ وذلك لأنَّ الاستمرار في الشعور بالظلم والغضب والاستياء لن يساعدك على تحقيق أي هدف.
لكن، ما سيطلق العنان لإمكاناتك ويفتح لك الأبواب على فرص جديدة، هو التوقف عن التفكير في الماضي، وتحرير نفسك من المشاعر السلبية المرتبطة بالماضي المؤلم.
كيف تتخلَّص من هذه العادة؟
يجب أن تُدرك سبب شعورك بالغضب والاستياء، فإذا كانت لديك تجربة من الماضي مؤلمة جداً ولا تستطيع نسيانها، فخذ بعض الوقت للتفكير فيها، ثمَّ اكتب كل أفكارك ومخاوفك عن هذه التجربة.
4. القلق والإفراط في التفكير:
يُصاب الناس بالقلق عندما يحاولون التنبُّؤ بما يحمله لهم المستقبل، وهم يبذلون جهوداً مُضنية في محاولة للتحكُّم بأحداث مستقبلهم، لكن في كثير من الأحيان يكون هذا ضرباً من العبث إذا كنت تبذل مجهوداً في مجال لا يمكنك التحكُّم به، فكل ما ستجنيه هو الشعور بالضيق والقلق والأرق، وأحياناً قد تصل لحدِّ الاكتئاب.
ستحصل على نفس النتائج السيئة عندما تفرط في التفكير، فأنت لا تحقق أي شيء من جرَّاء ذلك، ولا تحصل على نتائج أفضل، فكل ما يؤدي إليه الإفراط في التفكير هو استنزاف طاقتك وإرهاقك جسدياً.
كيف تتخلَّص من هذه العادة؟
حدِّد ما لا يمكنك التحكُّم به وما الذي يمكنك التحكُّم به، لأنَّك عندما تركِّز جهودك على الجوانب التي يمكنك التحكُّم بنتائجها، فإنَّك تستعيد طاقتك وتتحكَّم بمشاعرك.
5. سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي:
تؤثِّر طريقة استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي في مزاجنا وطاقتنا، وفي كل مرة تقوم فيها بتصفح أحد مواقع التواصل الاجتماعي فإمَّا أن يحقِّق لك ذلك فائدة، أو يجعلك تشعر بالإحباط، وذلك اعتماداً على طريقة استخدامك لهذه الوسائل.
فإذا كان ما تراه على مواقع التواصل هو مجرد صور ومقاطع فيديو لأشخاص غرباء يبدون أكثر نجاحاً منك، فستبدأ بتجاهل كل إيجابيات حياتك، والتركيز بشيء من المبالغة على الجوانب السلبية، وهذا يستنزف طاقتك، ويجعلك تشعر بعدم الرضى عن نفسك، فثمَّة كثير من التزييف في وسائل التواصل الاجتماعي؛ لذلك لا تسمح لهذه الوسائل بالتأثير في مشاعرك وتقديرك لنفسك.
كيف تتخلَّص من هذه العادة؟
يمكن أن يكون لوسائل التواصل الاجتماعي تأثير إيجابي كبير في الحياة إذا ما ركَّزت على نفسك وعلى الجوانب التي تخدم أهدافك في وسائل التواصل؛ لذا إيَّاك أن تتصفَّح هذه المواقع للمقارنة بينك وبين الأشخاص الآخرين، لأنَّ ذلك يجعلك تشعر بعدم الرضى عن حياتك.
فالاستخدام السليم لهذه الوسائل يكون بالتعامل معها بوصفها مصدراً للإلهام وبناء علاقات هادفة مع الناس.
6. الفشل في ضبط عادات النوم:
لا شيء يساعد الجسم والعقل على التعافي واستعادة النشاط مثل النوم الجيد، ففي أثناء النوم يتعافى الجسم، ويستعيد توازنه الكيميائي، ويتخلَّص الدماغ من السموم، ومن ثمَّ يتمكَّن من إنشاء روابط بين الأفكار المختلفة.
فالهدف من كل هذه العمليات هو استعادة الطاقة البدنية والفكرية بعد الاستيقاظ؛ لذلك أنت تحتاج إلى النوم ما لا يقل عن 7 ساعات؛ إذ يعاني معظم الناس إمَّا من مشكلة قِلَّة النوم، أو النوم الزائد، وكثيرون يعانون من اضطرابات النوم.
إذا كنت لا تحصل على كفايتك من النوم، فأنت لا تسمح لجسمك باستعادة عافيته، ولا يوجد بديل عن النوم الجيد لاستعادة الطاقة، وتستنزف قِلَّة النوم طاقتك، وتهدِّد صحتك الجسدية والنفسية، ومع مرور الوقت يمكن أن يكون لهذه العادة آثار خطيرة على الأمد الطويل، ومن ذلك زيادة الوزن.
كيف تتخلَّص من هذه العادة؟
تعرَّف إلى أنماط النوم المناسبة لك حتى تحصل على نوم جيد، وهذا يعني تنظيم نومك بحيث تستيقظ في نفس الوقت كل يوم، وحاول أن تنام نفس القدر من الوقت في كل ليلة.
إذا كنت تريد تنظيم نومك، فيجب أن تنتبه لما تفعله قبل موعد النوم، ومن ذلك أنَّه لا يجب شرب القهوة قبل النوم بساعات قليلة، كما يجب أن تتجنَّب تناول الوجبات الدسمة قبل النوم، وما يجب أن تفعله، هو التأمُّل، وتدوين أفكارك، وقراءة كتاب أو شيء ما، أو الاستماع إلى كتاب صوتي أو مدونة صوتية تُلهمك.
7. تناوُل الطعام غير الصحي:
يعدُّ تناول الطعام الصحي إحدى الطرائق التي تجعلك تشعر بتحسُّن، وسواء كنت تعرف أهمية الطعام أم لا، فإنَّ ما تأكله يؤثِّر كثيراً في مستوى طاقتك وحالتك المزاجية وإنتاجيتك، فعندما تشعر بالتعب والحاجة إلى قيلولة بعد تناول طعامك، فعليك تغيير حميتك الغذائية، والأطعمة التي تزيد من طاقتك هي الخضروات، والفاكهة، والمكسرات، والأسماك، واللحوم الخالية من الدهون، والفول، والزيوت الصحية، مثل زيت الزيتون.
فحاول الحصول على ما يكفي من هذه العناصر الغذائية كل يوم، وتجنَّب الطعام المُعالج كيميائياً وغير الصحي؛ إذ تسبِّب الأطعمة المُعالجة ارتفاعاً مفاجئاً في سكر الدم ومستويات الأنسولين؛ لذلك تشعر بارتفاع مفاجئ في مستوى الطاقة لكن يعقبه فوراً انخفاض، وعلى الأمد الطويل ستجد نفسك مُرهقاً.
في الختام:
نتمنى أن تتَّبع هذه النصائح التي من شأنها أن تغيِّر حالتك البدنية والنفسية والعاطفية، وتجعلك أكثر حيويةً وإنتاجية وأكثر سعادة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق