انشاء بنك مصر - منتديات غزل وحنين
يعد انشاء بنك مصر في أوائل القرن العشرين بمثابة بداية الاستقلال الاقتصادي لمصر، كما كانت ثورة 1919 م بداية الاستقلال السياسي.
و أجمل ما في قصة انشاء بنك مصر هي أنها كانت تعبير صادق و جلي عن مدي النضج الفكري الذي وصل إليه الشعب المصري في أوائل القرن العشرين. فالشعب المصري الذي خرج في ثورة 1919 م لم يكن فقط يتمتع بوعي سياسي كبير، و إنما كان لديه وعي و فهم لتحرير و تطوير المجالات الأخري الاقتصادية و الفنية و غيرها بدرجة لا تقل عن وعيه السياسي.
هذا الوعي الفكري الشامل للمجتمع المصري تفجر في انجازات كبيرة في كل مناحي الحياة في ذلك الوقت، الاقتصادية منها مثل بنك مصر، و الفنية متمثلاً في ظهور السنيما المصرية و انشاء معهد فن السينما، و التعليمي منها بإقامة صرع التعليم الشامخ الجامعة الأهلية ( جامعة القاهرة) التي تعد أول جامعة تدرس العلوم المدنية في المنطقة كلها.
و هو وعي لم يقتصر علي طبقة واحدة من الشعب دون غيرها، مثل الاغنياء مثلاً أو المثقفين، و إنما شمل كل طبقات الشعب الغني منها و الفقير، الصغير منها و الكبير.
و قصة إنشاء بنك مصر هي معزوفة وطنية عزفها كل فئات الشعب، فلانت معها إرادة الحكام و رضخت لها أعنة رؤوس الاحتلال. و لقد جاء بنك مصر ليسد حاجة ملحة في الاقتصاد المصري باستثمار أموال المودعين داخل مصر و في مشروعات تخدم الاقتصاد المصري، بعد أن كانت كل أموال المدخرين المصريين في بنوك الأهلي و كريدي فونسيه و غيره تجد طريقها خارج البلاد لتستثمر في اقتصاديات الدول الأوروبية.
يذكر د. يونان لبيب رزق في كتابه ” فؤاد الأول المعلوم و المجهول” عن قصة إنشاء بنك مصر أن فكرة انشاء بنك مصري برأس مال وطني طُرحت علي الرأي العام لأول مرة في جريدة الأهرام في مقال كتبه طالب حقوق مصري اسمه محمد بدوي البيلي في ابريل من عام 1919م، أي بعد أقل من شهرين من قيام الثورة.
و كانت هذه المقالة هي شرارة بدء حملة صحفية كبيرة شارك فيها الطلبة و الكتاب و الصحفيين بمقالاتهم و أعمدتهم، حتي أصبح قيام هذا البنك مطلب شعبي مهم. و لم يمض علي الحملة شهرين حتي طارت الأخبار إلي الصحف أن بعض رجال الأعمال البشوات و الأفندية قد بدأوا بالفعل في تأسيس بنك وطني مصري برأس مال مصري.
و في 5 أبريل 1920 م، صدر المرسوم السلطاني من سلطان مصر أحمد فؤاد، بتأسيس شركة مساهمة تدعي بنك مصر من مساهمين كلهم مصريين هم: أحمد مدحت يكن باشا، يوسف أصلان قطاوي باشا وهو من كبار الأعيان اليهود المصريين، و محمد طلعت حرب بيك، و عبد العظيم المصري بيك، و عبد الحميد السيوفي بيك، و الطبيب فؤاد سلطان بيك، و اسكندر مسيحة افندي، و عباس بيسوني الخطيب افندي.
و الحقيقة أن سلطة الاحتلال البريطاني لم تحاول منع قيام هذا البنك المصري أو وضع العقبات في طريق انشائه، علي الرغم أنه قام لينافس البنك الأهلي الذي كان يمثل سلطة الاحتلال الاقتصادي الانجليزي لمصر. و يرجع د. يونان لبيب رزق ذلك إلي أن الشارع المصري كان في ذلك الوقت في حالة غليان في اعقاب ثورة 1919م، فلم تشأ سلطة الاحتلال أن تفجر الوضع مرة أخري مثل ما حدث باعتقال سعد زغلول من قبل. كما أن الانجليز ربما رأوا أن بنك مصر برأس ماله الصغير و قلة خبرة المصريين في أعمال البنوك لن يستطيع الصمود في المنافسة، و لن يلبث أن يقع و يغلق أبوابه، فلا داعي لدخول معركة ضد الرأي العام لا حاجة لها.
و في 10 مايو 1920م ألقي طلعت حرب خطبة عصماء في دار الأوبرا المصرية بمناسبة بدء أعمال بنك مصر، و كان أول مقر له في شارع الشيخ أبو السباع. و بدأت رحلة بنك مصر في تمصير الاقتصاد المصري و القيام بمشروعات اقتصادية تعود بالنفع علي مصر، و اشهرها، و ربما ليس أهمها، انشاء استوديو مصر و شركة مصر للتمثيل و السينما.
انشاء بنك مصر
يعد انشاء بنك مصر في أوائل القرن العشرين بمثابة بداية الاستقلال الاقتصادي لمصر، كما كانت ثورة 1919 م بداية الاستقلال السياسي.
و أجمل ما في قصة انشاء بنك مصر هي أنها كانت تعبير صادق و جلي عن مدي النضج الفكري الذي وصل إليه الشعب المصري في أوائل القرن العشرين. فالشعب المصري الذي خرج في ثورة 1919 م لم يكن فقط يتمتع بوعي سياسي كبير، و إنما كان لديه وعي و فهم لتحرير و تطوير المجالات الأخري الاقتصادية و الفنية و غيرها بدرجة لا تقل عن وعيه السياسي.
هذا الوعي الفكري الشامل للمجتمع المصري تفجر في انجازات كبيرة في كل مناحي الحياة في ذلك الوقت، الاقتصادية منها مثل بنك مصر، و الفنية متمثلاً في ظهور السنيما المصرية و انشاء معهد فن السينما، و التعليمي منها بإقامة صرع التعليم الشامخ الجامعة الأهلية ( جامعة القاهرة) التي تعد أول جامعة تدرس العلوم المدنية في المنطقة كلها.
و هو وعي لم يقتصر علي طبقة واحدة من الشعب دون غيرها، مثل الاغنياء مثلاً أو المثقفين، و إنما شمل كل طبقات الشعب الغني منها و الفقير، الصغير منها و الكبير.
و قصة إنشاء بنك مصر هي معزوفة وطنية عزفها كل فئات الشعب، فلانت معها إرادة الحكام و رضخت لها أعنة رؤوس الاحتلال. و لقد جاء بنك مصر ليسد حاجة ملحة في الاقتصاد المصري باستثمار أموال المودعين داخل مصر و في مشروعات تخدم الاقتصاد المصري، بعد أن كانت كل أموال المدخرين المصريين في بنوك الأهلي و كريدي فونسيه و غيره تجد طريقها خارج البلاد لتستثمر في اقتصاديات الدول الأوروبية.
يذكر د. يونان لبيب رزق في كتابه ” فؤاد الأول المعلوم و المجهول” عن قصة إنشاء بنك مصر أن فكرة انشاء بنك مصري برأس مال وطني طُرحت علي الرأي العام لأول مرة في جريدة الأهرام في مقال كتبه طالب حقوق مصري اسمه محمد بدوي البيلي في ابريل من عام 1919م، أي بعد أقل من شهرين من قيام الثورة.
و كانت هذه المقالة هي شرارة بدء حملة صحفية كبيرة شارك فيها الطلبة و الكتاب و الصحفيين بمقالاتهم و أعمدتهم، حتي أصبح قيام هذا البنك مطلب شعبي مهم. و لم يمض علي الحملة شهرين حتي طارت الأخبار إلي الصحف أن بعض رجال الأعمال البشوات و الأفندية قد بدأوا بالفعل في تأسيس بنك وطني مصري برأس مال مصري.
و في 5 أبريل 1920 م، صدر المرسوم السلطاني من سلطان مصر أحمد فؤاد، بتأسيس شركة مساهمة تدعي بنك مصر من مساهمين كلهم مصريين هم: أحمد مدحت يكن باشا، يوسف أصلان قطاوي باشا وهو من كبار الأعيان اليهود المصريين، و محمد طلعت حرب بيك، و عبد العظيم المصري بيك، و عبد الحميد السيوفي بيك، و الطبيب فؤاد سلطان بيك، و اسكندر مسيحة افندي، و عباس بيسوني الخطيب افندي.
و الحقيقة أن سلطة الاحتلال البريطاني لم تحاول منع قيام هذا البنك المصري أو وضع العقبات في طريق انشائه، علي الرغم أنه قام لينافس البنك الأهلي الذي كان يمثل سلطة الاحتلال الاقتصادي الانجليزي لمصر. و يرجع د. يونان لبيب رزق ذلك إلي أن الشارع المصري كان في ذلك الوقت في حالة غليان في اعقاب ثورة 1919م، فلم تشأ سلطة الاحتلال أن تفجر الوضع مرة أخري مثل ما حدث باعتقال سعد زغلول من قبل. كما أن الانجليز ربما رأوا أن بنك مصر برأس ماله الصغير و قلة خبرة المصريين في أعمال البنوك لن يستطيع الصمود في المنافسة، و لن يلبث أن يقع و يغلق أبوابه، فلا داعي لدخول معركة ضد الرأي العام لا حاجة لها.
و في 10 مايو 1920م ألقي طلعت حرب خطبة عصماء في دار الأوبرا المصرية بمناسبة بدء أعمال بنك مصر، و كان أول مقر له في شارع الشيخ أبو السباع. و بدأت رحلة بنك مصر في تمصير الاقتصاد المصري و القيام بمشروعات اقتصادية تعود بالنفع علي مصر، و اشهرها، و ربما ليس أهمها، انشاء استوديو مصر و شركة مصر للتمثيل و السينما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق