زيارة القبور بين المشروع والممنوع

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فينبغي أن يعلم أن شد الرحال للقبور من المنكرات التي نهى عنها النبي عليه الصلاة والسلام.
فالرحال لا تشد إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، وبيت المقدس، هذه هي المساجد الثلاثة التي يشد لها الرحال، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، يقول ﷺ: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى.
ثم الذهاب إلى من يسمونهم بالأولياء للجلوس عند قبورهم، وطلب المدد منهم أو الشفاء أو النصر على الأعداء كل هذا من الشرك الأكبر؛ لأنه لا يجوز سؤال المخلوق، سواء سمي ولي أو ما سمي ولي، لا يجوز سؤاله ولا طلب شفاء المرضى منه ولا طلب المدد؛ لأن هذا إلى الله سبحانه ليس إلى الأولياء ولا إلى الرسل.
ولا يطلب منهم مثل هذا الطلب، ولا يتمسح بقبورهم ولا التبرك بها، ولو سموا أولياء ولو كانوا صالحين ولو كانوا أنبياء لا يجوز هذا في القبور، وهذا هو عمل المشركين الأولين وعمل أهل الجاهلية مع القبور.
فالواجب على أهل الإسلام الحذر من هذه الأمور وأن لا يفعلوها، وأن ينكروها على من فعلها من العامة، وأن لا يغتروا بما درج عليه الأسلاف والآباء من الشرك الأكبر، فالبناء على القبور واتخاذ القباب عليها منكر لا يجوز، يقول النبي ﷺ: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وكان عليه الصلاة والسلام يأمر بتسوية القبر إذا رفع يأمر بتسويته، قال عليه الصلاة والسلام لـعلي لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته معنى (سويته): أي: نقضته وهدمته حتى يستوي بالأرض ما يبقى إلا علامة القبر قدر شبر ونحوه، هكذا شرع الله القبور أن ترفع قدر شبر من الأرض حتى يعرف أنها قبور لا توطأ ولا تمتهن، ولا يبنى عليها لا قبة ولا مسجد ولا غير ذلك.
يقول جابر بن عبد الله الأنصاري : «نهى رسول الله ﷺ عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها» فلا فرق بين قبر ولي أو نبي أو غيرهما.
ولا يجوز لأحد أن يتبرك بالقبور، أو يتخذها أعيادًا، أو يسألها شفاء المرضى أو المدد والعون، أو النصر على الأعداء، أو البركة في الأولاد أو في الطعام أو ما أشبه ذلك كل هذا لا يجوز.
وهذه الإقامة عند قبر هذا الشخص منكرة وبدعة ومن أسباب الشرك، سواء كان إحدى عشر يومًا أو أقل أو أكثر، إنما المشروع للمسلم أن يزور القبور ويسلم عليهم ويدعو لهم وينصرف، إذا كانوا مسلمين يزورهم للسلام عليهم والدعاء لهم، ما هو طلب الدعاء من .. دعاؤهم من دون الله لا، الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، هم محتاجين للدعاء، كان النبي ﷺ يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية وكان إذا زار القبور عليه الصلاة والسلام يقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، غدًا مؤجلون، وأتاكم ما توعدون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد، وروي عنه ﷺ أنه زار قبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر.
هكذا الزيارة الشرعية، سلام على المقبورين ودعاء لهم بالمغفرة والرحمة والعافية، أما أن يدعون مع الله، يقول: اشفعوا لنا، انصرونا، المدد المدد، هذا منكر هذا لا يجوز، هذا الشرك الذي فعله قريش فعلته قريش وغيرها.
فالواجب على المسلم الانتباه واليقظة والحذر من أعمال الشرك.
ثم النساء لا يزرن القبور، الرسول ﷺ نهى عن زيارة القبور للنساء، ولعن زائرات القبور من النساء، إنما الزيارة للرجال للقبور خاصة، يزورونها ويدعون لأهلها بالمغفرة والرحمة، أما النساء فلا يزرن القبور، والحكمة من ذلك والله أعلم لأنهن قد يفتن أو يفتن ولقلة صبرهن أيضًا.
فمن رحمة الله أن نهاهن عن زيارة القبور، ويكفي أن يدعون لأمواتهم في بيوتهم، يدعون للأموات .. يترحمون عليهم وهم في البيوت، لا حاجة إلى زيارة القبور، إنما الزيارة للرجال، ولهذا في الحديث الصحيح: “لعن رسول الله زائرات القبور” فلا يجوز للنساء أن يذهبن إلى القبور، ولا يجوز للرجال أن يتوجهوا إلى القبور لقصد التبرك بالمقبورين، أو دعائهم، أو الاستغاثة بهم، أو طلبهم المدد، أو الصلاة عند قبورهم لا هذا منكر، بل هو من المحرمات الشركية، والصلاة عند القبور بدعة، وإذا كان يصلي للميت ويطلبه من دون الله صار شركًا أكبر نسأل الله العافية.
فالواجب على أهل الإسلام الحذر من هذه الأمور الشركية، ومن هذه البدع التي أحدثها الجهال الذين ما فهموا الشريعة ولا فقهوا فيها، ونسأل الله للجميع الهداية.
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق