طفلك مرآتك
تنزعج بعض الأمهات من طبيعة أطفالهن الانطوائية ولا يدركن أن لهم دورًا لما حال إليه أمر أبنائهم، فالطفل يحتاج في سنوات عمره الأولى إلى ملء خزّانه النفسي بالحب والأمان لبناء ثقته الأساسية لمواجهة الحياة فيما بعد، من خلال تشجيعه والتعبير دائمًا له عن مشاعر الحب والقبول.
فالطفل يرى الحياة من خلال عيني والديه، وإن كانت تلك العينان متشككة في قدرته وتسيج حوله أسوار من الحماية الزائدة تحت أسباب غير صحيحة كصغر سنه أو المبالغة في تدليله ستصل الرسالة إلى الطفل مفادها “إنك لا تستطيع إتمام المهمة -أي مهمة – بمفردك”.
وقد يكون من العوامل المسببة أيضًا لانطواء طفلك هو وجود مشكلات ومشاحنات في الأسرة بين الوالدين، وبالتالي يكون الانطواء نوعًا من الاحتجاج الصامت الذي يقوم به الطفل إظهارًا لعدم رضاه وغضبه من موقف معين، لأنه أثار مخاوفه وأفقده إحساسه بالأمان.
وربما تسبب المقارنة بين الطفل وأقرانه أو أشقائه، شعوره بالحرج، ويؤدي إلى إحساسه الشديد بالخجل، مما يدفعه لتجنب إبداء آرائه والتزام الصمت، وبالطبع تعريض الطفل للنقد أو الإهانة والتحقير يشعره بالرفض، فيفضّل العزلة والانسحاب من التجمعات الأسرية أو المدرسية وبصفة عامة من الحياة.
إن كنتِ كأم تعانين مع طفلك من تلك المشكلة ووضعت يدك على أحد أسباب انطواء ابنك وكانت الشكوى هي تعرضه لمضايقات من أقرانه في الدراسة بسبب انطوائه ورغبته في العزلة مما يؤثر على أدائه الدراسي، إليكِ بعض الحلول البسيطة لكنها تحتاج إلى مجهود متواصل لتأتي بثمارها في حياة طفلك:
1- هيّئي جو البيت واستقبلي طفلك بابتسامة واحتضنيه بعد عودته من المدرسة ليشعر بالأمان الذي يحتاج إليه ليعبر عن نفسه دون خوف أو قلق، اقبلي قدرته ومحاولاته بحب وامتنان لمجهوده، وستصل إليه الرسالة مع تكرارها وصدقها منك.
2- امدحي طفلك وشجعيه أمام الآخرين كلما استطاع إتمام أمر ما بمفرده دون التعقيب عليه، فهو يحتاج دعمك له لينطلق من منطقة مخاوفه إلى الحرية التي يتمناها ويسعى إليها.
3- شجّعيه ودعيه يختار رياضة تعيد بناء ثقته في نفسه من جديد، وتتيح له فرصة تكوين صداقات جديدة دون تدخل منك أو ضغط عليه، دعيه يثق أنه قادر على الاختيار ولا ضرر من التعلم من خبرته الخاصة.
4- وكّلي إليه بعض المهام الصغيرة ودعيه يتممها بمفرده، واثني عليه عند القيام بها، لأنها تصحح صورته عن نفسه، وكرري من تلك المهام بما يتناسب مع مرحلته العمرية.
5- استضيفي بعض العائلات التي يشعر في وجودها بالراحة دون الإلحاح عليه في مصافحتهم أو التحدث معهم كل الوقت، فهو تدريب جيد لعمل صداقات وتنمية لمهاراته الاجتماعية.
6- اسمحي له أن يتبادل الزيارات مع أحد أصدقائه الموثوق فيهم وتمضية وقت مثمر معه.
7- اعطي من وقتك لصغيرك، فالاهتمام رسالة حب قوية تصل إلى عمق احتياج طفلك وتسدده، وتخبره بحجم أهميته ومكانته لديك، فهل لديك أغلى من فلذة كبدك تساعده على المضي قدمًا رغم الصعوبات؟
لا تجعلي هدفك مُنصبًّا على درجات ابنك المدرسية دون الاهتمام به هو شخصيًا، اجعلي حبك غير مشروط بتحقيق هدفك أو سعيك لكن بهدف وراحة وحلم. صغيرك هو أهم من النجاح الدراسي، ابنك هو الحياة.
“إن أطفالكم ما هم بأطفالكم، فقد ولدهم شوق الحياة إلى ذاتها بكم يخرجون إلى الحياة ولكن ليس منكم.. جبران خليل جبران”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق