كانت العلاقة بين الجيران قوية ومتينة لسنوات طويلة،
حتى باتت تشبه علاقة الأهل، وكان كل شخص يهتم بأحوال جاره،
ولا يهدأ له بال عندما يفتقده -ولو لفترة بسيطة
حتى يعرف ويتأكد أنّه بخير، وقد يعاتبه عندما يقلّ في التواصل،
أو عند اكتشافه أنّه بحاجة إلى من يساعده ولم يخبره،
كما كان جميع الجيران يتشاركون في المناسبات،
ويعلمون كافة المستجدات الطارئة في حارتهم،
من خلال تزاورهم الدائم وعند لقائهم بشكل يومي في المسجد،
حيث يسألون عن أحوال بعضهم بعد انتهاء الصلاة
وقبل أن يعودوا إلى منازلهم.
وبدأت تلك العادات الجميلة في الاندثار يوماً بعد آخر،
وساد التفكك الاجتماعي بشكل كبير، حتى أصبح الجار بالكاد يعرف اسم جاره،
مقتصرين على إلقاء التحية عندما يلتقون صدفة،
ولتقريب الفجوة بين الجيران بادر البعض بتأسيس مجالس للأحياء،
الهدف منها التقارب والتواصل ومعرفة أحوال الجميع،
وتقديم المساعدة لمن يحتاج، إلاّ أنّ تلك المبادرات في بعض الأحيان
لا تسير كما يتمنى المشرفون عليها، حيث يفضل البعض الانعزال
وعدم التواصل، حتى مع وجود التقنيات الحديثة، التي من شأنها
تسهيل الأمر من خلال رسائل تبعث عبر خدمة “الواتس اب”
أو البريد الإلكتروني، تحتوي على دعوة للمشاركة في مناسبة زفاف
أو واجب عزاء أو زيارة مريض.
نحتاج إلى تعميم «مراكز الأحياء» نحو تفعيل التواصل بين ساكني الحي
إن ما نُشاهده من انقطاع العلاقات بين الجيران يُحتم النظر
في فكرة مراكز الأحياء، التي من شأنها تحقيق عديد من الأهداف
كالتواصل الاجتماعي، من خلال الفعاليات التي يقدمها المركز،
إضافةً إلى الاجتماعات التي يفترض عقدها بشكل دوري،
كما أنه من خلال المركز بالإمكان تدعيم التواصل عبر التقنيات الحديثة
كصفحات التواصل الاجتماعي،
أو من خلال رسائل الجوال والبريد الالكتروني،
بعد أن يتم تأسيس قاعدة بيانات تحوي جميع سكان الحارة
التي يشملها مركز الحي.بحيث تكون محصورة بسكان الحارة،
مع تداول آخر المستجدات ومعرفة أحوال الجميع، مؤكداً مساهمتها
في لم شمل الجيران، من خلال آلية واضحة لأهداف مشجعة للجميع،
عبر تدوين بياناتهم أو التسجيل في الموقع، الذي سيتيح لهم تقديم
مقترحاتهم أو ملاحظاتهم باحتياجات الحي،
حتى يوصلها المكلفون إلى الجهات المعنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق