رباعيات الأحزان
(( فوازير الأنبياء ))
----------------------------
إعداد وتقديم
فارس الليل الحزين
محمد عطية محمد
أجابة الحلقة الخامسة والعشرون :
سيدنا زكريا علية السلام
-------------------------------
(( الحلقه السادسة والعشرون ))
بشَّرَ الله تعالى به والده زكريا -عليه السلام- ، ولم يُسَمَّ أي أحدٍ بهذا الاسم قبله، وقد وهبَ الله تعالى النبي -عليه السلام- من لدنه علمًا وحكمة، وألهمه التسبيح والتفكّر، فكان نبيًّا لا مثيل له في التسبيح والزهد والتفكّر في عظمة الله تعالى وحبّه، لذلك أحبّه الناس وأحبته جميع الكائنات؛ لأنه كان زكيًا وتقيًا، وقد كان النبي -عليه السلام- يعيش في زمن عيسى -عليه السلام- نفسه، وهو ابن خالته؛ إذ إنّ مريم بنت عمران هي خالة النبي . وُلِدَ النبي لأبيه زكريا بعد زمنٍ طويل من الانتظار، لهذا فإنّ ميلاده كان بمثابة معجزة، بعد أن كاد يئسَ زكريا من الذرية، لكن زكريا -عليه السلام- كان يدعو الله ليلًا نهارًا أن يُرزقه الذرية الصالحة، ويطلب من الله بقلبٍ نقي وخشوعٍ تام، وعندما جاء النبي نشأ في بيتٍ طاهر، وكان رحيمًا جدًا بالطيور والحيوانات التي كان يُطعمها ويحنو عليها ويعطيها من طعامه، حتى لو بقي هو بلا طعام، وكلما كبر النبي في السن كان وجهه يمتلئ بالنور، كما يمتلئ قلبه بالحكمة وحب المعرفة والإيمان وحب الله تعالى والسلام، وكان رحيمًا بوالديه وجميع الناس، وعندما أصبح صبيًا آتاه الله الحكمة ورزقه حب الشريعة والقدرة على القضاء بين الناس، وقد كان شديد الحكمة لا يغلبه أحد في زمانه، لهذا علّم الناس أُصول دينهم وبيّن لهم طريق الصواب، وحذرهم من طريق الخطأ.
عادة ما ينزل الله -تعالى- النبوة على الرجل حين يكون بالأربعين من سنه؛ وذلك حتى ينضج جسمه ويكمل عقله ويكون قد أوتي سؤله من الرجولة التي يحتاجها، أما النبي بن زكريا وعيسى بن مريم -عليهما السلام- فقد أوتيا النبوة منذ صغرهما؛ فعيسى أوتي النبوّة في المهد، والنلي أوتي النبوه وهو في عهد الصبا، فكان النبي -عليه السلام- يمارس مهام النبوة كاملةً فينهى النَّاس عن الذنوب ويأمر بالمعروف ويُعمِّد النَّاس في نهر الأردن؛ ليتخلصوا من الخطايا، وقد أخذ النصارى عنه تلك الطريقة في التعميد وسمّوه "يوحنا المعمدان". و كان يحكم بالتوراة الذي كانت تحكم به الأنبياء وذلك كله قبل التحريف، وقد آتاه الله الحكمة والفهم والقوة وذلك كله قبل أن يبلغ السابعة من عمره، وذكر قتادة أنَّ النبي عليه السلام لم يأت بمعصية قط ولم يهم بأيّ امرأة. بلغ النبي -عليه السلام- عند ملكٍ من الملوك منزلة عالية رفيعة، فحدث أن أحبَّ الملك ابنة امرأته أو ابنة أخيه وأراد أن يتزوج بها، وطلب من النبي -عليه السلام- أن يزوّجه إياها و لمَّا بلغ الأمر النبي -عليه السلام- نهى الملك عن الزواج من إحدى محارمه، وفعل الملك ما أشار عليه النبي به، ولم يقدم على الزوج بها و لمَّا بلغ أمر نهي النبي الملك عن الزواج بتلك الفتاة التي هي من محارمه اغتاظت أمّها كثيرًا، ولمَّا حضر مجلس الشراب الخاص بالملك أقدمت الأم إلى ابنتها وألبستها ثيابًا شفّافة مغرية، وزينتها بالحلي والطيب وبعثت بها إلى الملك وقرَّبته منها، فلمَّا أراد الملك أن يراودها عن نفسها أبت عليه وقالت له لا أمكِّنك من ذلك حتى تفعل ما أريد وتعطيني الذي أريد، فقال لها الملك ماذا تريدين؟ فقالت له: أريد رأس النبي فرفض الملك ذلك بدايةً. ولمَّا أبت عليه إلا أن يأتي لها برأس النبي -عليه السلام- رضخ الملك لأمرها وأمر أن يؤتى له برأس النبي، فلمَّا مَثلَ الرأس بين يديه فإذا بالدماء تفور وتغلي والرأس يتكلم ويقول له لا يحل لك فعل ذلك، فأمر الملك أن تنهال التراب على رأس النبي عليه السلام، والدم يغلي ويعلو على التراب وسلَّط الله عليهم بعد ذلك ملك بابل فبغى عليهم وأبادهم.وذكر أيضًا في قصة قطع رأس النبي -عليه السلام- أنَّ النبي -عليه السلام- كان ينهى امرأة أحد الملوك عن الزنا والتبرّج، ولذلك فقد حبست النبي عليه السلام، وكانت هذه المرأة قتّالة للأنبياء والصالحين، فبرزت يومًا هي وابنتها لاستقبال زوجها الملك، فطلبت المرأة من زوجها السجناء، فاعتقد أنّها تريد أن تطلقهم، ولكنّها قتلت النبي عليه السلام، فقالت ابنة الملك لأبيها: إنّي قد أتيت لك بذبيحة عظيمة، فقال لها وما هي، أجابته بأنه رأس النبي عليه السلام، فقال لها ويحك قد هلكَ وأهلكتِ أبويك معك، ثم سلَّط الله عليهم عدوًا لهم فذبح الملك و زوجته وابنته وسلط الكلاب عليهم حتى تأكلهم. ويذكر أنَّه تم رؤيه رأس النبي -عليه السلام- حينما أرادوا بناء المسجد، كان شعره وبشرته على حالهما لم يتغيَّر فيهما أي شيءٍ وكأنما قتلوه هذه الساعة. الرواية الأكثر شهرة عن قتل النبي -عليه السلام- أنّ جنود ذلك الملك الذي منعه النبي -عليه السلام- من الزواج بفتاة من محارمه أرسل إليه جنوده فقتلوه وهو قائم يصلّي في المحراب، فدفنوه في دمشق وقبره اليوم في الجامع الأموي، وقيل بل قتلته تلك المرأة التي كانت قد سجنت النبي -عليه السلام- وقد كانت تهوى قتل الأنبياء والصالحين
فمن هو النبي عليه السلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق