الحمد لله.
أولاً :
روى الترمذي (2914) وأبو داود (1464) واللفظ له ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ ، كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا ، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا ) .
قال الشيخ محمد شمس الحق العظيم آبادي رحمه الله : " ( يُقَالُ ) : أَيْ عِنْدَ دُخُولِ الْجَنَّة ( لِصَاحِبِ الْقُرْآن ) : أَيْ مَنْ يُلَازِمُهُ بِالتِّلَاوَةِ وَالْعَمَل ، لَا مَنْ يَقْرَؤُهُ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ ( اِقْرَأْ وَارْتَقِ ) : أَيْ : إِلَى دَرَجَات الْجَنَّة أَوْ مَرَاتِب الْقُرَبِ ( وَرَتِّلْ ) : أَيْ لَا تَسْتَعْجِلْ فِي قِرَاءَتِك فِي الْجَنَّة ... ، ( كَمَا كُنْت تُرَتِّلُ ) : أَيْ : فِي قِرَاءَتِك ( فِي الدُّنْيَا ) .
وَيُؤْخَذ مِنْ الْحَدِيث : أَنَّهُ لَا يُنَالُ هَذَا الثَّوَاب الْأَعْظَم ، إِلَّا مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ ، وَأَتْقَنَ أَدَاءَهُ وَقِرَاءَتَهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ " انتهى بتصرف يسير من " عون المعبود شرح سنن أبي داود " (4/237) – ترقيم الشاملة - .
ثانياً :
الحديث السابق في فضل صاحب القرآن ، لا يعني أن من لم يحفظ القرآن سيكون في أقل درجات الجنة منزلة ، بل الحديث يدل على فضل خاص ، لعمل خاص من الأعمال ، ولا يدل على أن الدرجات العالية لا ينالها إلا من حفظ القرآن ، أو قرأه ؛ فأكثر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يكونوا حفاظا لكتاب الله ، حفظ القراءة والترتيل ، وإن كانوا حفاظا للعمل به ؛ فمن فاته هذا الأجر الخاص ، والفضيلة الخاصة ، كان بإمكانه أن يجتهد فيما يسره الله له من الفضائل ، من صلاة وتهجد وقيام ، أو زكاة وصدقة ، أو صوم بالهواجر ، أو ملازمة لذكر الله ، أو قضاء لحوائج الناس ... أو ما شاء الله من أبواب الخير والهدى .
روى البخاري (3256) ومسلم (2831) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ ، كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ ؛ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ ؟ قَالَ : بَلَى ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ ) .
وروى مسلم (251) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا ، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ ) .
والله أعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق