لماذا يفهم الأطفال الكلام أكثر من البالغين؟!
ربما يوجد سبب وجيه خلف ذلك، إذ أنهم لا يعتمدون على نفس الأجزاء من الدماغ لمعالجة الكلمات، وهذا ما توصلت إليه الدراسة جديدة.
هل لاحظت من قبل أن الأطفال والبالغين يفكرون بطريقة مختلفة؟ ربما يوجد سبب وجيه خلف ذلك، إذ أنهم لا يعتمدون على نفس الأجزاء من الدماغ لمعالجة الكلمات، وهذا ما توصلت إليه الدراسة جديدة.
إن دماغنا يتغير باستمرار بطرق عدّة أثناء نمونا، إذ أظهر الباحثون أن هذا يتضمن كيفية تعامل الدماغ مع الكلمات. يستخدم الأطفال والمراهقون كلا جانبي الدماغ لفهم اللغة. ولكن باقترابنا من البلوغ، نستخدم الجانب الأيسر من الدماغ فقط لأداء هذه المهمة.
إن الانتقال من معالجة اللغة باستخدام كلا جانبي الدماغ إلى استخدام جانب واحد فقط يحدث تدريجيًا، إذ يبدأ مع فترة تعلمنا للنطق وينتهي ببلوغنا سن ال 19 عامًا.
إن أحد الأطباء العاملين على هذه الدراسة هو الطبيب ويليام جيلارد William Gaillard، وهو طبيب أعصاب في مستشفى الأطفال الوطني في العاصمة واشنطن، يقول «إن هذا الاكتشاف الجديد يجب أن يساعد العلم على فهم قدرة الدماغ على التأقلم بشكل أفضل، إن قدرة الدماغ على تعديل وإعادة توصيل نفسه تدعى بالمطاوعة الدماغية، إن معرفة المزيد عن هذه المطاوعة قد تساعد كلا المرضى صغارًا وكبارًا في المستقبل».
أيضًا وجدت إليسا نيوبورت Elissa Newport التي قادت الدراسة أنه من المثير للاهتمام أن يمتلك الأطفال مراكز للنطق في كلا جانبي الدماغ. ومن الممكن أن يفسر هذا سبب شفاء الأطفال السريع والأقرب للتام في الإصابات الدماغية. تعمل إليسا كطبيبة أعصاب وتدير مركز مسؤول عن دراسة مطاوعة الدماغ ويقع في المركز الطبي بجامعة جورج تاون في العاصمة واشنطن.
شارك الفريق نتائجه الجديدة في 22 أيلول/سبتمبر في دورية «Proceedings of the National Academy of Sciences».
كيف يعمل الدماغ؟
تعلّم العلماء لمئات السنين عن كيفية عمل الدماغ عبر مراقبة تعافي الناس من الإصابات الدماغية. إذ لاحظوا أن العديد ممن أصيبوا في الجانب الأيسر من دماغهم وجدوا صعوبة في فهم الكلمات أو استخدامها. ومن هذا المنطلق علل الأطباء أن الجانب الأيسر من الدماغ هو المسؤول عن إدارة اللغة والنطق. مع ذلك عجزوا عن تأكيد فيما إذا كانت مراكز النطق واللغة موجودة فعليًا في هذا الجانب لدى الجميع. وقد لاحظ الباحثون بشكل مؤكد تشافي الأطفال من إصابات الدماغ بشكل أسرع من البالغين ولكنهم لم يعرفوا السبب.
يمتلك العلماء في الوقت الحاضر أدوات عالية التقنية تمكّنهم من النظر داخل الدماغ، منها أداة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI والذي من خلاله يمكن للعلماء دراسة الأدمغة السليمة العاملة بدون أي ضرر، استخدم العلماء التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لمراقبة عمل دماغ 39 طفل و14 بالغ أثناء محاولتهم لفهم جُمل.
كيفية قراءة نشاط الدماغ
يُنتج ال fMRI صورًا متعددة للدماغ، يظهر في هذه الصور بعض البقع الملونة والتي تشير إلى أيّ الأجزاء الدماغية التي تلقت وارد دموي أكبر، وهذه إشارة على أن هذه الأجزاء قد تم تفعيلها.
تفاجئ الباحثون أن الجزء الأيسر من الدماغ لم يكن الوحيد الذي يعمل لدى الأطفال إذ نشط كلا الجانبين لديهم عند محاولتهم لفهم جملة، وقد بدأ نشاط الجانب الأيمن بالانخفاض لدى الأطفال الأكبر سنًا حتى انحسر تمامًا ببلوغ سن ال 19 عامًا؛ عندها اقتصرت معالجة النطق واللغة على الجانب الأيسر بمفرده.
فإن كان كلا جانبي الدماغ قادرَين على العمل معًا، فهذا قد يفسر السبب في أن إصابات الجزء الأيسر من الدماغ غالبًا لا تسبب العجز عند الأطفال كما تفعل لدى الكبار.
هناك فُرق أخرى تبحث في مناطق الدماغ المسؤولة عن معالجة الرؤية والذاكرة. يقول جيلارد إن الفريق الذي يعمل فيه مع نيوبورت يطمح لدمج نتائجه مع فرق بحث أخرى كسابقة الذكر للحصول على خريطة شاملة لكيفية عمل الدماغ.
يعمل سام وانج Sam Wang طبيبًا للأعصاب بجامعة برينستون بنيوجيرسي وكان قد ألف كتابًا علميًا مشهورًا عن كيفية نمو أدمغتنا. لم يشارك سام في الدراسة الجديدة ولكنه وجد أن من المثير للاهتمام أن تعامل الأطفال مع اللغة يشبه «التبديل بين استخدام اليدين عند لعب البيسبول ولكن هنا يبدلون ذهنيًا بين جانبي الدماغ».
لذا في المرة القادمة التي يعجز فيها والداك وأشقائك الأكبر سنًا عن فهمك، أعطهم مهلة، فربما يستخدمون أجزاء أقل من دماغهم مقارنة بك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق