قراءة منزوعة الدسم

قراءة منزوعة الدسم

  • الجسد غذاؤه الطعام والشراب .. والروح غذاؤها العبادة ..

    أما العقل فغذاؤه القراءة والمعرفة .. والكتب هي الكنوز والأوعية التى حفظت لنا

    خلاصة التجارب الإنسانية وهي المعلبات التى تمتلئ بعصائر الأفكار

    التى توصل لها العلماء والمفكرون عبر القرون في شتى أنواع المعرفة..

    ونحن نعلم أن أول ما نزل من القران الكريم ” إقرأ”.. فالقراءة أهم روافد المعرفة .

  • ونقطة الانطلاق للتقدم يجب أن تبدأ من بناء الإنسان منذ الصغر

    والاهتمام بتنمية قدراته العقلية وحثه علي الإبداع والخيال

    وتشجيعه علي الرؤية النقدية القادرة علي وضع فواصل بين الخطأ والصواب

    .. ولن يتم ذلك إلا إذا جعلنا القراءة الحرة وجبة يومية يشتهيها الإنسان

    منذ التحاقه بمراحل التعليم الأولي خاصة في عصر صار فيه التليفزيون

    منافساً شرساً للكتاب في ظل الارتفاع المطرد لأسعاره ..

  • وحتى تكون وجبة القراءة كاملة الدسم تغذي العقل وتنمى المعرفة

    ..فلابد من الابتعاد عن تلك الطريقة المبتسرة التى ابتدعها أباطرة الدروس الخصوصية ..

    حيث عوّدوا التلاميذ منذ الصغر علي قراءة ملخصات موجزة مضغوطة.

    . دون أن يقرأ التلميذ كتاباً كاملاً أو يستوعب الفكرة الشاملة التى يتناولها الكتاب

    .. وخطورة هذه الطريقة في القراءة أن التلميذ ينشأ اتكالياً يعتمد دائماً علي الغير

    .. وسيتوقف النشاط العقلي للتلميذ

    .. ويصبح مجرد متلقي يحفظ فقط ما يملى عليه دون تفكير ..

    وستضمر لديه حاسة الإبداع والتخيل .. وستموت عنده المواهب

    وملكات النقد والاستدلال والاستنباط .. وسيفقد القدرة علي ابتكار حلول

    جديدة للمواقف الطارئة التى لم يتعود عليها .. وستكون المحصلة

    النهائية للتعليم وللقراءة بهذه الطريقة

    ..هي تكوين عقلية متكلسة تحفظ ولا تفكر .. تقلد ولا تبتكر.. وقد رأينا أثر ذلك

    في هروب التلاميذ في المرحلة الثانوية من دراسة العلوم والرياضيات ..

  • نعم قد يؤتى التلخيص ثماره إذا قام به القارئ بنفسه ..بعد أن يكون

    قد قرأ كل صفحات الكتاب .. في هذه الحالة سيكون لكل سطر بل

    ولكل جملة في التلخيص خلفية من المعلومات تساندها وتدعمها..

    أما أن يكتفي التلميذ منذ البداية بحفظ الملخص

    دون القراءة الكاملة للكتاب فسيصبح كالطفل الذي استبدل “بزازة” الحليب

    بعد أن كبر ..”ببزازة” الملخصات .. وتلك هي السطحية العلمية

    أو الجهل المغلف بقشور المعرفة ..والذي يفرز جيلاً هشاً يحمل شهادات

    ورقية لا يعترف بها عصر المعلومات ولايقبلها سوق العمل..

  • وليت المشرفين علي قاعات القراءة يوجهون الأبناء للطريقة الصحيحة

    للقراءة حتى نربي عقولاً خلاقة قادرة علي الإبداع والاختراع والتمييز بين الأفكار

    .. وإلا فستصبح القراءة الحرة أو المدرسية ” قراءة منزوعة الدسم”

    تنتج عقولاً مشفرة .. وأفكاراً مبعثرة .. ورؤوساً مخدرة ..

    وهياكل ثقافية تعاني من هشاشة العظام.

سعيد القاضي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق