الحمد لله.
أولاً :
الواجب في زكاة المال أن تكون من النقود ، ولا يجوز إخراجها مواد عينية ، ولا سلعاً غذائية.
ومن واجب صاحب الزكاة تسليم مبلغ الزكاة للمستحقين ، وليس من حقه التصرف بهذا المبلغ ولا الاجتهاد في البحث عن الأنفع لهم حسب نظره ، بل يعطي المال المستحق للفقير ، وهو أدرى بحاجته ومصلحته من غيره .
ومن المعلوم أن الإنسان يستطيع الحصول على ما يريد عن طريق المال ، بخلاف المواد العينية التي قد يحتاجها وقد لا يحتاجها ، ويضطر لبيعها بثمن بخس للاستفادة من ثمنها .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
“هل يجوز تحويل مبلغ الزكاة إلى مواد عينية غذائية وغيرها فتوزع على الفقراء؟” .
فأجاب :
” لا يجوز، الزكاة لا بد أن تدفع دراهم… “. انتهى من ” اللقاء الشهري” (41 / 12) .
وقال أيضا :
” زكاة الدراهم لابد أن تكون دراهم ، ولا تخرج من أعيان أخرى إلا إذا وكلك الفقير فقال : إن جاءك لي دراهم فاشتر لي بها كذا وكذا ، فلا بأس … “. انتهى .
“مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين” (18/303).
ثانياً :
إذا كان هناك فقير معين ، يحتاج إما إلى دواء أو غذاء ، أو نحو ذلك من احتياجاته ، ويعلم أنه سيترتب على صرف الزكاة له نقوداً مفسدة واضحة ، أو كانت المصلحة تقتضي عدم إعطاء ذلك الفقير النقود ، ففي هذه الحال أجاز بعض العلماء صرفها له مواد عينية بدلاً من النقود .
ومن صور ذلك : أن يكون الفقير مجنونا ، أو ضعيف العقل لا يحسن التصرف المال ، أو سفيها مبذراً للمال ، أو مفسدا ينفق المال على ما لا فائدة فيه ، ثم يبقى ـ هو أو من يعوله ـ محتاجا .
قال شيخ الإسلام : ” إخْرَاجُ الْقِيمَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلا مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ مَمْنُوعٌ مِنْهُ …؛ وَلأَنَّهُ مَتَى جُوِّزَ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا فَقَدْ يَعْدِلُ الْمَالِكُ إلَى أَنْوَاعٍ رَدِيئَةٍ ، وَقَدْ يَقَعُ فِي التَّقْوِيمِ ضَرَرٌ؛ وَلأَنَّ الزَّكَاةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُوَاسَاةِ ، وَهَذَا مُعْتَبَرٌ فِي قَدْرِ الْمَالِ وَجِنْسِهِ ، وَأَمَّا إخْرَاجُ الْقِيمَةِ لِلْحَاجَةِ أَوْ الْمَصْلَحَةِ أَوْ الْعَدْلِ فَلا بَأْسَ بِهِ “. انتهى ” مجموع الفتاوى” ( 25/82 ) .
وقال الشيخ ابن باز في الفتاوى (14 / 253) : ” ويجوز أن يخرج عن النقود عروضاً من الأقمشة والأطعمة وغيرها ، إذا رأى المصلحة لأهل الزكاة في ذلك مع اعتبار القيمة ، مثل أن يكون الفقير مجنوناً ، أو ضعيف العقل ، أو سفيهاً ، أو قاصراً ، فيخشى أن يتلاعب بالنقود ، وتكون المصلحة له في إعطائه طعاماً ، أو لباساً ينتفع به من زكاة النقود بقدر القيمة الواجبة ، وهذا كله في أصح أقوال أهل العلم”. انتهى .
والأفضل من ذلك أن يأخذ توكيلا من الفقراء بشراء الأشياء التي يحتاجون إليها .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله : ” إذا كان أهل هذا البيت فقراء ، ولو أعطيناهم الدراهم لأفسدوها بشراء الكماليات والأشياء التي لا تفيد ، فإذا اشترينا لهم الحاجات الضرورية ودفعناها لهم ، فهل هذا جائز ؟
فمعروف عند أهل العلم أن هذا لا يجوز ، أي لا يجوز للإنسان أن يشتري بزكاته أشياء عينية يدفعها بدلاً عن الدراهم ، قالوا : لأن الدراهم أنفع للفقير ، فإن الدراهم يتصرف فيها كيف يشاء ، بخلاف الأموال العينية فإنه قد لا يكون له فيها حاجة ، وحينئذ يبيعها بنقص .
ولكن هناك طريقة : إذا خفت لو أعطيت الزكاة لأهل هذا البيت صرفوها في غير الحاجات الضرورية ، فقل لرب البيت ، سواء كان الأب أو الأم أو الأخ أو العم ، قل له : عندي زكاة ، فما هي الأشياء التي تحتاجونها لأشتريها لكم وأرسلها لكم ؟
فإذا سلك هذه الطريقة ، كان هذا جائزاً ، وكانت الزكاة واقعة موقعها ” . انتهى ” مجموع فتاوى ابن عثيمين” (18/ السؤال 643) .
والخلاصة : أن إخراج السلع والمواد العينية بدلا من زكاة المال لا تجوز ولا تجزئ ، إلا إذا وجدت الحاجة والمصلحة الداعية لذلك .
والله أعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق