عظماء..و..عِظام بقلم سعيد حسين القاضي

عظماء..و..عِظام

 

يقولون: البحر واحد ولكن السمك ألوان ..وأقول ونهر الحياة واحد
ولكن البشر ألوان..فهناك أناس عظماء في فكرهم المستنير وسلوكهم
المهذب وتصرفاتهم الراقية…وفي بساطتهم وتواضعهم.. وحبهم للجميع
..ويزداد تواضع العظماء..كلما ارتفع شأنهم أو شغلوا مراكز عليا ..

 

قد ترى مثل هؤلاء العظماء في:: موقع الرئيس أوا لمرؤوس ..
تراهم في مختلف المهن.. وفي مختلف الطبقات..بل قد تجد كثيرا من
هؤلاء العظماء يعملون في حرف متواضعة..أوفي محيط الباعة الجائلين…

 

العظمة عند هؤلاء ..تنبع من داخلهم..من عقولهم.. وقلوبهم
..من جيناتهم.. من ضمائرهم ..وأخلاقهم..لا يستمدونها من مواقعهم
الاجتماعية..ولا من الكرسي الذي يحتمون به..فقد نجد انسانا صغيرا
في مهنته ..أو في أدني درجات السلّم الاجتماعي ..ولكنه بسلوكه ..وتعففه
ينتمي الى طائفة العظماء..ولا ينحدر الى الصغائر مهماكانت المغريات

 

==..ألم تسمع يوما عن موظف صغير.. لا يجد قوت يومه الا بالكاد لكنه..
لعظمته واحترامه لذاته ..يرفض رشوة يسيل لها اللعاب؟؟؟
==ألم تسمع عن طبيب مبتديء ..أو كبير يتطوع لمعالجة محتاج ..بالمجان؟؟؟
== ألم تسمع عن انسان يحسبه الجاهل لتواضعه ضعيفا…ولكنه يثور لكرامته
لو خدشها أحمق.. أو مغرور أيا كان مركزه؟؟؟؟
==ألم تسمع عن مسئول كبير.. يهابه الجميع ولكنه لعظمته
يتواضع مع مرؤوسيه ..ويراعي مشاعرهم وأحاسيسهم؟؟؟

 

==مثل هؤلاء العظماء.. هم ســكّر المجتمع
الذين يخففون مرارة الحياة…ويتركون انطباعا حلوا في نفوس كل من
يتعامل معهم…انهم كالورود….وهل تملك الورود أن تحبس عطورها
عن الناس؟؟؟؟هم كأشجار مثمرة ..يسعدها أن يتهافت الناس على
قطف ثمارها ..والاستمتاع بظلالها الوارفة

وفي المقابل….نرى ايضا اناسا ,,عِظاما ,,.. ولكنهم عظام نخرة جمع
(عَظْمَة) ..تلمس في هؤلاء.. غرور الجاهل..وجرأة الأحمق..وتطاول
الأقزام…هم كالبالونات المنفوخة..كثير منهم يحتمي بالكرسي الذي
يجلس عليه..يقبِّل رجل الأعلى ويدوس على رأس الأسفل…معدنه الردييء
ينضح على سلوكه..ريحته عفنة..حتى لو اغتسل بأغلى العطور..
تجد بعض هؤلاء ( العِظام ) النخرة ..في أعلى السلم الاجتماعي

 

والغريب أن تجد بعض هؤلاء العِظام النخرة ..في أدنى السلم الاجتماعي أيضا
وتراه متورِّما منفوخا.. لأنه يستظل بظل متورم منفوخ مثله…مثل
هؤلاء.. كلما قذفت بهم الرياح لأعلى تنكروا لأصدقاء الأمس….

 

ان الرمم.. اذا زاد ت تعفنا.. زادانتفاخها.. وانبعثت منها غازات ..تزكم الأنوف

 

وقد نبه المتنبي ممدوحه حتى لا ينخدع في المتورمين فقال له :
(أعيذها نظرات منك صادقة ** أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم )

ولن تتقدم المجتمعات قبل أن تزيح العظام النخرة من مجراها ..
وترمي الغثاء الطا فح على سطحها..وتبحث عن مفكريها.. وعظمائها
في كل المجالات لتدفع بهم للمقدمة.. ليقودوا قاطرة الحياة

 

سعيد حسين القاضي

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق