جريج الْغُلامِ الْثَّالِثَ أَوْ الْصَّبِيِّ الْثَّالِثُ الَّذِيْ تَكَلَّمَ فِيْ الْمَهْدِ:
كما في الصحيحين في حديث أبو هريرة- رضي الله عنه- الذي أوله :
( لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة عيسى عليه السلام ، ثم جريج… ) .
خلاصة قصة جريج:
حاله عابد ، زاهد ، متخلٍ عن الناس ،وجريج في الأصل
كان رجلاً تاجرًا كما في مسند الإمام أحمد .
فكان يكسب مرة ويخسر مرة ، فقال: هذه تجارة لا تصلح، لأطلبن تجارة
لا تبور والتجارة التي لا تبور وتكسب دائمًا هي عبادة الله- عز وجل-
فخرج خارج البلد وبني له صومعة من الطين،
كانت في الدور الثاني ولم يكن لها سلم ، كان يصعد لها بالحبل حتى إذا
صعد إلى أعلى يأخذ الحبل وراءه،كي يضمن لن يصل إليه أي مخلوق
أو يدخل عليه لكي يستطيع أن يعبد ربنا .
فلما كان يصلى ذات يوم وجاءت أمه ونادته وقال: يارب أمي أم صلاتي ؟،
أمي أم صلاتي ؟ كما في حديث أبي رافع في مسلم قال أبو هريرة
“وجعل النبي –صلى الله عليه وسلم- وضع يده على حاجبه يمثل أم جريج
وهي تنادي عليه وهي تقول: يا جريج أجبني ، يا جريج أجبني “، أمي
أم صلاتي أمي أم صلاتي وأي واحد عابد في الدنيا لو وازن بين ربه
وبين أمه، يختار صلاته مباشرة ، وحدث في اليوم الثاني مثل اليوم الأول،
و كذلك في اليوم الثالث، فدعت عليه ألا يموت حتى يرى وجوه المياميس
وإذا أراد الله شيئًا هيأ أسبابه : تكلم بني إسرائيل في منتدياتهم،عن جريج
، ما أصبره وما أعبده وما هذا الصبر كله؟فكيف يجلس هذا ليل نهار
وحده، ولا يفكر في أحد، ولا يهتم لأمر الدنيا،
فقالت بغي من بني إسرائيل و كانت بنت ملك البلد قالت: إن شئتم لأفتتنه
لكم ، قالوا: قد شئنا اعملي ما شئت ,ذهبت عند الصومعة وصارت
تتعرض لجريج فاعرض عنها، جاء راعي غنم
وجاءوا إلى ظل صومعة جريج فأمكنته من نفسها ، وحملت وقالت:
هنا ابن جريج ، انتظروا على هذه البغي حتى وضعت وقالوا ابن من هذا ؟
قالوا ابن جريج ، قالوا: أحضروا الفئوس ،
كل واحد أخذ الفأس وخرج ، وكان جريج يصلى ولا ينتبه للأمر وهؤلاء
يكسرون في صومعته من تحت لكي يهدموها على رأسه ,فسمع أصوات
الفئوس وهي تضرب في الصومعة فخرج إليهم وقال لهم: ما لكم قالوا:
انزل يا فاجر ، يا داعر ، يا فاسق ، ماذا عملت ؟ قالوا له:انزل الأول لكي
نتفاهم ، نزل فربطوا يديه من الخلف وأوثقوه بالحبال، وقالوا أنت فعلت
كذا ، فلما أخذوه على ملك القرية ، على أساس أن ملك القرية سيحاسبه ،
طبعًا الذي فعل هذا الفعل السيئ بنت ملك القرية،وهو يريد أن يحاسب
جريج على هذه المسألة .
وانظر إلى الحال : حاله رجل تخلى ليطلب عبادة ربه ، لأنه كان يتاجر
وكان يكسب مرة ويخسر مرة فقال: أنا أريد أن أكسب باستمرار،فاعتزل
الناس وهذا هو حاله مع عبادته وزهده قد يبتلى بلاءً
لا يخطر له على بال، والإنسان إذا ضعف مرة ، أو خمس دقائق أو ثانية
واحدة حتى يقع في ورطة لذلك لا يتصور أحد أنه بعبادته يستطيع أن
يستقيم ويعتصم، يمكن يبتلى وهو عابد .
لَا ترَتَكّنَ إِلَىَ عَمَلِكَ وَلَكِنَّ دَائِما ترَتَكّنَ إِلَىَ فَضْلِ الْلَّهْ أَنْ يَعْصِمُكَ:
وأن يبلغك، وهذا جريج حاله عابد زاهد ، اتهم بسبب معصية فعلها
عوقب، وأنا أريد أن أقول لك أنك أحيانًا تقدم الإحسان إلى إنسان فيسيء
إليك ، فيصعب ذلك عليك جدًا كيف أحسنت إليه ويسيء إلى؟، اعلم أن
هذا الذي أصابك إنما هو بذنب آخر ولا يلزم أن تكون فعلت الذنب في هذا
الإنسان، أنت فعلت الذنب في إنسان آخر .
مَرَارَةُ الْجُحُوْدِ لَا تَعْدِلُهَا مَرَارَةُ:
لكن حتى تكون المرارة مضاعفة يأتيك السوء ممن أحسنت إليه وأنت
تعرف مرارة الجحود لا تعدلها مرارة ، فأنت تحسن وتحسن وتحسن
ويساء إليك دعوة أمه هي التي فعلت فيه ذلك ، وذهب جريج كما تعلمون
إلى ملك القرية ، ويحك يا جريج كنا نراك أعبدنا حتى أحبلت المرأة ،
قال لهم ائتوني بوضوء ، فأتوا له بالماء ثم توضأ وصلى ركعتين
وقال ائتوني بالولد، أين الغلام؟ فأحضروا الغلام فضربه بإصبعه وقال
يا غلام من أبوك ؟ قال: الراعي ، وهذا فوق كل حسبان أن ينطق ابن يوم .
وهل كان يعلم جريج عندما عمل هذه القصة أن الولد كان سينطق ؟
أنا لا أظن ، لكن صدق رجائه بالله هو الذي جعله يفعل ذلك،لأنه لم تجر
في العادة أن ينطق ابن يوم ,فطبعًا اعتذروا له وقالوا يا جريج نبني لك
صومعتك لبنة من فضة ولبنة من ذهب ، قال أعيدوها طينًا كما كانت .
كيف كان حاله ؟ فضيحة عظيمة،والمومسات على قوارع الطرق يشاهدن
الموقف ولولا أن تداركته رحمة الله- عز وجل- .
كيف كان مآله ؟ ازدادوا محبة له وزادت حشمته برغم هذا البلاء العظيم
الذي وقع به ، أنظر مسألة الحال والمآل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق