الزواج هو ذلك الرباط المقدس الذي يجمع اثنين في بيت واحد ليُشكلا خلية مجتمعية جديدة قائمة على الشراكة مدى الحياة، وتتزايد الأعباء والمسؤوليات تباعًا مع استمرار تلك الشراكة مما يتطلب تحلي الطرفين بقدر وافر من الصبر والرضا والتفاني، فضلًا عن ضرورة وقوع كل منهما في منزلة خاصة في قلب الآخر ليتمكنا من التفاهم والتراحم وتخطي العثرات. ولا شكَّ أن شراكة أبدية كهذه تتطلب التفكير والتخطيط بعد تحقيق التعارف الجيد وضمان تحقق حد أدنى من التوافق يُمكن على أساسه التفكير في بناء تلك الشراكة. ومن هُنا تحوم الكثير من علامات الاستفهام حول ظاهرة الزواج عبر الانترنت التي بدأت في الظهور والانتشار في الآونة الأخيرة والتي أتاحت للشباب فرصة التعارف قبل إتمام الزواج عبر مواقع الانترنت.
ظاهرة الزواج عبر الانترنت
انتشرت التكنولوجيا وغزت شتى مناحِ الحياة، فكان أبرز تطبيقاتها مواقع التواصل الاجتماعي التي تلتهم أوقات الكثيرين من جميع الفئات العمرية والمجتمعية، وتباينت أسباب الاهتمام بها ما بين التسلية والعمل والتعارف ومتابعة الأخبار. إلا أن الجدير بالملاحظة ما انتشر في الآونة الأخيرة على مستوى العالم من تعارف بهدف الزواج أسفر عن زيجات حقيقية ناجحة في معظمها؛ إذ يلتقي الطرفان ببعضهما البعض على مواقع التواصل الاجتماعي أو مواقع التعارف، ويتبادلان الحديث ليتعارفا ويُقررا ما إذا كان باستطاعتهما الزواج أم لا، وذلك عوضًا عن اللقاءات التقليدية التي تتم في مجتمعاتنا لإتمام ذلك التعارف. وما إن يستقر كل منهما ويجد في الطرف الآخر شريكًا مناسبًا له، حتى يلتقيا على أرض الواقع، وتبدأ الخطوات الرسمية للزواج وفقًا للأعراف والتقاليد، فيُسمَّى هذا زواجًا عبر الإنترنت.
مميزات الزواج عبر الانترنت
لا شك أن هناك بعض المميزات التي دعت إلى انتشار ظاهرة الزواج عبر الانترنت، من بينها:
يُساعد هذا النوع من التعارف على تخطي المسافات، مما يُتيح لأشخاص من أماكن متفرقة وبعيدة التعارف بكل سهولة.
أكدت العديد من استطلاعات الرأي أن التعارف عبر الإنترنت يكون أكثر مصداقية نظرًا لعدم الخوف من المواجهة أو الحرج الذي يشوب اللقاءات الفعلية.
كما وُجِد أن ذلك النوع من التعارف يُساعد كل طرف على معرفة المزيد عن حياة الآخر؛ نظرًا لإمكانية الحديث لفترات أطول.
عيوب الزواج عبر الانترنت
لا بد من وجود بعض العيوب التي قد تكون خطيرة في معظمها، والتي قد يتعرَّض لها من يُقبلون على هذا النوع من الزواج، ومن أهم تلك العيوب:
يظل الإنترنت عالمًا افتراضيًّا يُتيح للفرد التصنع والمراوغة إذا لم يكُن جادًّا في ذلك التعارف، وهو ما يَصعُب اكتشافه في بداية الأمر.
قد يستُر هذا النوع من التعارف بعض الأمور التي من شأنها أن تؤثر على نجاح الزواج، فلا يُمكن كشفها إلا بعد اللقاء الفعلي بعيدًا عن ذلك الواقع الافتراضي.
خلاصة القول
لا يُمكن مهاجمة ظاهرة الزواج عبر الإنترنت أو الحكم المطلق على هذا النوع من الزواج بالفشل بشرط تحلي الطرفين بقدر جيد من الحكمة والتعقل واحترام العادات والتقاليد ومراقبة المولى عز وجل، واعتبار ذلك التعارف مجرد خطوة أولية، لا بد من أن يتعبها تعارف آخر على أرض الواقع لضمان بناء حياة زوجية قوية غير آيلة للسقوط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق