ما هي قصة أصحاب الرس؟

 

قصة أصحاب الرس:



أصحاب الرس: وهو قومٌ من عبد الأصنام، وهم أصحابُ آبارٍ ومواشي، فأرسل الله لهم شعيباً عليه السلام لكي يدعوهم إلى توحيد الله وترك عبادة الأصنام، فتمادوا عليه بالإيذاء وفي الطغيان، وبنيانهم مبنيةً حول البئر، فانهارت بهم فخسف الله بهم.
قال الله تعالى في سورة الفرقان: “وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَٰلِكَ كَثِيرًا وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ ۖ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا” الفرقان:38-39. وقال تعالى في سورة ق: “كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ –وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ ۚ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ” ق:12-14. إنّ هذا السياق والذي قبله، يدل على أنهم أهلكوا ودمروا وتبروا، وهو الهلاك. وهذا يرد اختيار ابن جرير، من أنهم أصحاب الأخدود الذين ذكروا في سورة البروج؛ لأن أولئك عند ابن اسحاق وجماعةً كانوا بعد المسيح عليه السلام.

من هم أصحاب الرس:

وقد روى ابن جرير قال: قال ابن عباس: أصحاب الرس أهل قريةٍ من قرى ثمود. وقد ذكر الحافظ الكبير أبو القاسم ابن عساكر في أول تاريخه عند ذكر بناء دمشق، عن تاريخ أبي القاسم عبد الله بن عبد الله بن جرداد وغيره، أن أصحاب الرس كانوا بحضور، فبعث الله إليهم نبياً يُقال له: حنظلة بن صفوان، فكذبوه وقتلوه، فصال عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح وولده من الرس، فنزل الأحقاف.
لقد أهلك الله أصحاب الرس، وانتشروا في اليمن كُلها، وفشوا مع ذلك في الأرض كلها، حتى نزل جبرون بن سعد بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح إلى دمشق، وبنى مدينتها وسماها جبرون، وهي إرم ذات العماد، وليس أعمدة الحجارة في موضع أكبر منها بدمشق، فبعث الله هود بن عبد الله بن رباح بن خالد بن الحلود بن عاد إلى عاد، أي أولاد عاد بالأحقاف، فكذبوه، فقام الله تعالى بإهلاكهم.
وقد ذكره أبو بكر محمد بن الحسن النقاش: أن أصحاب الرس كانت لهم بثر ترويهم، وتكفى أرضهم جميعاً، وكان لهم ملك عادل حسن السيرة، فلما مات وجدوا عليه وجدوا عليه وجداً عظيماً، فلما كان بعد أيام، تصور لهم الشيطان في صورته، وقال: إني لم أمت، ولكن تغيبت عنكم، حتى أرى صنيعكم، ففرحوا أشد الفرح، وأمر بضرب حجابٍ بينهم وبينه وأخبرهم أنه لا يموت أبداً، فصدق به أكثرهم، وافتتنوا به وعبدوه؛ فبعث الله فيهم ببيّاً، فأخبرهم أن هذا شيطانٌ يخاطبهم من وراء الحجاب، ونهاهم عن عبادته، وأمرهم بعبادة الله وحدهُ لا شريك له. قال السهيلي: وكان يوحي إليه في النوم، وكان اسمهُ حنظلة بن صفوان، فعدوا عليه فقتلوه وألقوه في البئر، فغار ماؤها وعطشوا بعد ريّهم ويبست أشجارهم وانقطعت ثمارهم، وخربت ديارهم، وتبدلوا بعد الأنسِ بالوحشةِ، وبعد الاجتماع بالفرقة، وهلكوا عن آخرهم، وسكن في مساكنهم الجن والوحوش، فلا يُسمع ببقاعهم إلّا عزيف الجن، وزئير الأسود، وصوت الضباع.
أما ما رواه أعنى ابن جرير، عن محمد بن حميد عن سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “إنّ أول الناس يدخل الجنة يوم القيامة العبد الأسود” وذلك الله تعالى بعث نبيّاً إلى أهل القرية، فلم يؤمن به من أهلها إلا ذلك العبد الأسود، ثم أهل القرية عدوا على النبي، فحفروا له بئراً فألقوه فيها، ثم أطبقوا عليه بحجرٍ أصم، قال: فكان ذلك العبد يذهب فيحتطب على ظهره، ثم يأتي بحبطهِ فيبيعُه، ويشتري به طعاماً وشراباً، ثم يأتي بها إلى تلك البئر، فيرفع تلك الصخرةِ ويُعينهُ الله عليها، ويدلي إليه طعامه وشرابه، ثم يردها كما كانت، قال: فكان كذلك ما شاء الله أن يكون. ثم إنه ذهب يوماً يحتطب كما يصنع، فجمع حطبهُ وحزمّ حُزمتهُ وفرغ منها، فلما أراد أن يحتملها، وجد سنةً، فاضطجع فنام، فضرب الله على أذنه سبع سنين نائماً. ثم إنه ذهب فتمطّى، فتحول لشقهِ الآخر، فاضطجع، فضرب على أذنه سبع سنين أخرى، ثم إنه ذهب واحتمل حزمته، ولا يحسب أنه نام إلا ساعة من نهارٍ، فجاء إلى قريةٍ فباع حزمته، ثم اشترى طعاماً وشراباً كما كان يصنع، ثم إنه ذهب إلى الحفرة إلى موضعها الذي كانت فيه، يلتمسهُ فلم يجدهُ، وقد كان بدا لقومهِ فيه بداء، فاستخرجوه وآمنوا به وصدقوه، قال: فكان نبيّهم يسألهم عن ذلك الأسود ما فعل، فيقولون له: ما ندري، حتى قبضَ الله النبي عليه الصلاة والسلام، وهبّ الأسودُ من نومتهِ بعد ذلك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “إنّ ذلك الأسود لأولُ من يدخل الجنة”. حديث مرسل ومثله فيه نظر.
ثم قد رده ابن جرير نفسه، قال: لا يجوز أن يجمل هؤلاء على أنهم أصحاب الرس المذكورين في القرآن، قال: لأن الله أخبر عن أصحاب الرس أنه أهلكهم، وهؤلاء قد بدلهم فآمنو بنبيّهِم، اللهم إلا أن يكون حدثت لهم أحداث، آمنوا بالنبي بعد هلاك آبائهم، ثم اختار أصحاب الأخدود، وهو ضعيف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق